Advertisement

Typography

في مقابلة حصرية مع تيليكوم ريفيو، يُشارك رئيس مجلس إدارة ومدير عام شركة touch المهندس سالم عيتاني أهمية التعاون والشراكة، ويتحدث عن انجازات شركة touch في مواجهة الأزمة الاقتصادية، كما يتطرق إلى خطط الشركة المستقبلية للسير قدماً بقطاع الاتصالات.

واجه قطاع الاتصالات في لبنان مشاكل أساسية مثل ضعف الإرسال والتغطية، ومحدودية الموارد وتقلبات العملة. كيف نجحت شركة تاتش في مواجهة هذه التحديات خلال السنوات القليلة الماضية؟

في ظلّ هذه الأزمة، واجهنا مجموعة واسعة من التحديات نتيجة محدودية الموارد، على الصعيد المالي والبشري والفكري. اعتمدنا نهجاً خاصاً لتسخير هذه الموارد المحدودة واستخدامها كحلول محتملة  لتحقيق النجاح الذي نصبو إليه. تتضمن هذه التحديات شؤوناً تتعلق بالشبكة والموارد المادية الناجمة عن ندرة الوقود والانخفاض الكبير في توفر الطاقة - الذي وصل إلى نحو 100%، حيث تضاءلت إمدادات الطاقة لدينا إلى الصفر. وعليه، كان لا بد من وضع استراتيجيات مبتكرة، تقوم على استدراك حلول عملية مثل الأساليب الهجينة والاستخدام المكثف للبطاريات، وترشيد استهلاك الديزل في جميع المحطات لضمان استمرارية عملها.

في سياق مواز، تضمنت استراتيجية عملنا التركيز على تطوير الشبكة الهجينة، تبعاً للاستثمارات الإستراتيجية والحلول الآنية، فبادرنا إلى دمج البطاريات الطويلة الأمد بتكنولوجيا الطاقة الشمسية، مما أدى إلى استكمال مصادر الكهرباء والمولدات التقليدية بشكل فعّال. كما تمكنا من خفض عدد انقطاعات المواقع من أكثر من 300 موقع إلى أقل من 45 موقعاً، مما يعكس تحسناً ملحوظاً في توفر الشبكة من 74% إلى نحو 98%، بالإضافة إلى ارتفاع مؤشر تجربة الزبون  (QoE) أيضاً من مستوى "متوسط" إلى مستوى "ممتاز" وفقاً للمعايير الدولية، لاسيّما في المناطق المأهولة والمناطق التي تتمتع بكثافة سكانية عالية، فضلاً عن تحسين جودة خدمة الاتصالات الصوتية والبيانات الخليوية. ومن الجدير بالذكر أننا حققنا هذا الإنجاز بالتعاون مع وزارة الاتصالات ضمن خطة استراتيجية شاملة.

 

يُقال أن أي مشكلة هي فرصة جديدة للمستقبل. كيف قمت بحلّ هذه المشكلة، وما هي استراتيجيات العمل المعتمدة لتحقيق هذه الانجازات؟

هناك ثلاث عوامل محورية يجب التطرق إليها في هذا المجال، أبرزها عامل التعاون مع شركاء استراتيجيين لتخطي الأزمات بالرغم من محدودية الموارد. وهو ما اعتمدناه من خلال إطلاق برنامج الشراكة والتعاون بين تاتش وعدد من الجامعات لتعزيز فعالية مركز الاتصال بعد عدم التجديد للشركة المتعاقدة معنا، بموازاة عدم تمكننا قانوناً من توظيف عناصر جديدة لملء الفراغ. فجاءت فكرة التعاون مع الجامعات للاستعانة بعدد من الطلاب للالتحاق بمركز الاتصالات Contact Center، ومساندة فريق عملنا على صعيد الإجابة على اتصالات الزبائن وأسئلتهم وحل أي مسألة تتعلق بخطوطهم الخليوية، والنتيجة انعكست ارتفاع معدل نجاح الإجابة على اتصالات الزبائن في غضون ثلاثة أشهر من 30% إلى 100%، ناهيك عن الوفر المحقق على صعيد النفقات التشغيلية بحوالي 60% مقابل التعاقد مع أي شركة.

وحرصاً منا على إعادة اللحاق بالركب التكنولوجي الذي بلغه قطاع الاتصالات الخليوي  في العالم بعد توقف الاستثمار في القطاع المحلي لأكثر من ثلاث سنوات،  أصرينا على إجراء تجربة تجارية حية للجيل الخامس، وقد سُجّل خلالها سرعة بلغت 2000 ميغابيت في الثانية، مما يعد من أفضل معدلات السرعة على صعيد الجيل الخامس. هذا الإنجاز يؤكد استعدادنا لمواجهة التحديات التكنولوجية.

وكان لعامل الابتكار دور بارز في حل مختلف القضايا بما فيها التوصل إلى حلول مرتبطة بالأجهزة والنظم  الداخلية لم تستكشف من قبل. وهو ما ينطبق على الإنجاز الذي تم تحقيقه من خلال تطوير أداة داخلية قادرة على تقصي أي انقطاع في الإرسال على خريطة لبنان، واستخراج تقرير شامل عن طبيعة الانقطاع ومسبباته والحلول المحتملة له. فتسهم هذه الأداة في اتخاذ إجراءات تصحيحية ووقائية للصيانة.

 

ما هي الخطط المطروحة لتحديث تغطية الشبكة؟ وما هي التدابير التي تتخذونها لضمان تقدّم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحقيق الاستدامة في هذا المجال في لبنان؟

لطالما كان تعاطينا على صعيد خطط التحديث استراتيجياً ويعتمد على الموارد المتاحة. على مدى السنوات الأربع الماضية، وبسبب قيود الميزانية والقيود التشريعية وقيود الإيرادات المرتبطة بالسعر الرسمي لليرة اللبنانية، تقلّصت قدرتنا على الاستثمار في عملية التطوير. إلا أن المشهد المالي تغير بعدما صححنا وضعنا المالي من خلال مراجعة الأسعار وخفض التزاماتنا الرئيسية. حالياً، عندما نحدد المكوّنات التي تكاد تبلغ نهاية الخدمة أو نهاية عمرها الافتراضي في مجال التكنولوجيا، نسارع فوراً إلى تحديثها بآخر التقنيات المتاحة. تعود هذه الإستراتيجية بفائدتين مهمتين: جهوزية شركة تاتش للانتقال إلى شبكة الجيل الخامس خلال فترة وجيزة، والتخلص من نقاط الضعف في المعدات التي انتهى عمرها الافتراضي، وبالتالي نتخلص من نقاط الفشل الفردية. يمثل هذا النهج الشامل الحجر الأساس  لتحصين شبكتنا وتحضيرها للمستقبل.

بالنسبة لاستهلاك البيانات، فقد شهد زيادة ملحوظة بنسبة 25% في الفترة الممتدة بين الربع الثالث من العام 2022 والربع الثاني من العام 2023. ويواصل هذا النمو مساره حتى ضمن شبكة الجيل الرابع الخاصة بنا التي أضفنا عليها مُسيّراً ثالثاً، سيما وأن هذه الشبكة تبقى الأساس الأمتن، وتمثل نسخة احتياطية لمساعينا في مجال الجيل الخامس.

وبالانتقال إلى تطلعاتنا لشبكة الجيل الخامس، فهذا الأمر يرتبط بالأذونات والتراخيص التنظيمية.

تتضمن استراتيجيتنا طرحاً تدريجياً، بدءاً من تأهيل نقاط ساخنة (Hotspots) بالجيل الخامس حيث تتعاظم أهمية النطاق العريض الخليوي. ومع نضوج الجيل الخامس، سنتخلّص تدريجياً من الجيل الثالث ، مع سد شبكة الجيل الرابع الفجوات المتبقية من جهة، وتلبية النقاط الساخنة للجيل الخامس المتطلبات الاقتصادية والصناعية والاستهلاكية المتنوعة من جهة أخرى. تواكب هذه الاستراتيجية تطوّر شبكتنا مع المتطلبات الديناميكية للاقتصاد والصناعة واحتياجات الجمهور.

تتبنى تاتش أيضاً استراتيجية التحول الرقمي حيث نعمل على تحويل قدراتنا الأساسية الداخلية لتصبح رقمية، واعتماد اللوحات الآلية اللازمة للمراقبة في الوقت الفعلي لتعزيز مؤشر تجربة الزبون، من خلال تأمين الصيانة الوقائية الآلية ليس فقط على مستوى إدارة الطاقة، ولكن أيضاً على مستوى إدارة الشبكة.

 

تستخدمون منصة Sayrafa Exchange في تحصيل الفواتير الخاصة بكم. كيف كان أثر ذلك على عوامل عدّة، بما في ذلك متوسط ​​الإيرادات لكل مستخدم (ARPU)، ومعدل تراجع عدد المشتركين، ونمو قاعدة الزبائن؟

لا يزال وضع قطاع الاتصالات الخليوية في لبنان قوياً من حيث الطلب، ويتزايد الاهتمام بخدمات البيانات، مما يشير إلى إمكانية تحقيق المزيد من النمو. مع الإشارة إلى إنه بدءاً من الربع الثالث من العام 2022، تاريخ البدء بتطبيق الأسعار الجديدة، سجل زيادة كبيرة بنسبة 222% في الربع الثاني من العام 2023 في سعر صيرفة، أي أكثر من ضعف القيمة. في غضون ذلك، حافظ متوسط ​​الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) على الاستقرار النسبي، من دون أي تغيير يُذكر.

نرى في  متوسط ​​الإيرادات الثابت هذا مؤشراً إيجابياً. بالإضافة إلى ذلك، ولدى التوقف عند مؤشر تراجع عدد الزبائن، نستنتج أنه انخفض فعلياً بنسبة 1% فقط مقارنةً بالفترة التي تم فيها تغيير الأسعار بشكل مباشر. ويشير الانخفاض في معدل التراجع، إلى جانب قاعدة زبائن إجمالية ثابتة، إلى أنه على الرغم من التقلبات في أسعار صيرفة وتغيرات الأسعار، حافظت نسبياً قاعدة زبائننا على ثباتها. مما ليس سوى مؤشراً على وجود طلب ثابت على الخدمات، ونمو مستدام، واستجابة جيدة لتغير الأسعار.

تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من التوقعات، فقد تم الحفاظ على قاعدة زبائننا حتى بعد التحول من سعر الدولار الرسمي إلى سعر صيرفة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم تدفق الزوار الموسميين بشكل إيجابي في صافي إيرادات التجوال، حيث سجّل شهر تموز 2023 أعلى صافي إيرادات التجوال خلال أربع سنوات.

طوال فترة الأزمة حتى يومنا هذا، ارتفع متوسط ​​الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) أكثر من ستة أضعاف، متجاوزاً 7 دولارات. هناك إمكانية لتحقيق نمو أكبر، والهدف للعام القادم هو تجاوز متوسط ​​الإيرادات لكل مستخدم (ARPU) حالي عبر تقديم خدمات جديدة. ومن خلال الاستهداف المباشر لزبائننا بفئاتهم المتعددة، هناك إمكانية لنمو قطاع الاتصالات الخليوية في لبنان بشكل أكبر، نظراً للفرص المتاحة في السوق.

 

هل هناك أي خطط مطروحة لدمج خدمات المحفظة الإلكترونية للزبائن؟

منذ أسابيع قليلة، بدأنا المرحلة الأولى من تجربة مماثلة من خلال طرح بطاقة Visa Card touch الائتمانية في السوق بالشراكة مع أحد المصارف المحلية. على الرغم من أنها ليست محفظة كاملة، إلا أنها تمثل الخطوة الأولى (المرحلة 0) في فهم ردود فعل زبائننا تجاه هذا النموذج الشبيه بالتكنولوجيا المالية. وفي الأسبوع الأول من إطلاقنا لهذه البطاقة، وردنا أكثر من 500 طلب للاستحواذ عليها. بالنسبة للمحفظة الإلكترونية المقبلة، نبحث عن شريك استراتيجي لعقد الشراكة معه لتسهيل توفرها.

حالياً نركّز على تطوير حل للمحفظة المحمولة. ونقوم حالياً بإرساء العمل الأساسي، مع اقتناعنا بأن المسار الأكثر فعالية للمضي قدماً هو التعاون مع خبير في مجال التكنولوجيا المالية يحمل الترخيص المطلوب.

ويضمن هذا المزيج من الخبرة تقديم الخدمات المثالية لزبائننا الذين أظهروا ولاءهم لنا. والجدير بالذكر أن حصتنا في السوق ارتفعت من 50% إلى 54% من إجمالي عدد مستخدمي الاتصالات والبيانات الخليوية في لبنان، محققين نمو كبير في هذا الإطار.

مما لا شك فيه أنه من خلال الاستفادة من قاعدة زبائننا الكبيرة  بموازاة إطلاق المحفظة الإلكترونية، ستُفتح الأبواب أمام أسواق لم يتم استغلالها بعد، تشمل قطاعات عدة مثل ألعاب الهاتف المحمول والاشتراكات في خدمات الـ OTT.

تتضمن خطة عملنا تطوير خدمات لقطاعات أخرى، لاسيما قطاع الشركات التي لديها احتياجات محددة، تتطلب حلولاً موثوقة مع مستويات خدمة مضمونة. وعليه، نقوم بتجهيز بنية تحتية متينة لتوفير إرسال عالي النطاق يمكن الاعتماد عليه بدرجة كبيرة، مما يشكّل تحدياً غالبًا ما لا يستطيع المشغلون الآخرون مواجهته.

تكمن الفرصة المغرية في عالم قطاعات الأعمال B2B غير المستغلة بعد. ويتميز نهجنا في العمل باتباع سياسة التعاون والشراكة والابتكار. حالياً تنصب جهودنا لتأسيس شراكة استراتيجية تقدم حلولاً سحابية للمؤسسات.

 

هل تعتقد أنه يمكن لقطاع الاتصالات في لبنان استعادة مكانته على خريطة الاتصالات العالمية ومواكبة الوتيرة الحالية لتطوّر القطاع؟

فيما كنا نتقدّم في مسيرتنا واجهنا فجوة امتدت لأكثر من ثلاث سنوات. وكانت خطتنا الأولى الحفاظ على قدراتنا الحالية. أما الآن فالأهم هو مواكبة التطور الذي شهده القطاع من خلال متابعة النمو، ومعالجة الفجوات، وتبني التقنيات المتطورة، واستبدال المعدات التي مرّ عليها الزمن. يُمكّننا هذا الجهد الشامل من استعادة موقعنا على ساحة الاتصالات الإقليمية.

وفي الوقت نفسه، يكتسب تركيزنا على التحول الرقمي زخماً كبيراً، مما يسمح لنا باستخلاص الأفكار من أخطاء المشغلين الآخرين. وفي حين أننا قد لا نكون أول من جهّز الشبكة بتقنية الجيل الخامس أو حقق التحول الرقمي الكامل، إلا أن استراتيجيتنا تتمحور حول استخلاص الدروس من تجارب المشغلين الإقليميين والعالميين، على صعيد الأخطاء والنجاحات. يساعدنا هذا النهج في التمييز بين مكونات مختلف الدول وكذلك اختلاف احتياجات الزبائن. ونحن ملتزمون بتلبية المتطلبات المحددة للمستخدمين في لبنان بالإضافة إلى متطلبات القطاع.

تتوافق استراتيجيتنا مع توقعات المتطلبات المستقبلية، مما يضمن استعدادنا لما ينتظرنا من منظار التحول التكنولوجي والرقمي على حد سواء. لذا، نسعى جاهدين لاعتماد أحدث التقنيات، مثل التعرف الضوئي على الحروف (OCR)، لعمليات الإعداد. ستؤدي هذه الخطوة إلى تحويل تجربتنا اليدوية الحالية إلى تجربة مبرمجة بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، سبق وأن حوّلنا أنظمتنا إلى بنية سحابية، مما يتيح لنا تقديم حلول سحابية شاملة.

باختصار شديد، إننا مصممون على سدّ الفجوة، والاستفادة من رؤية الماضي ودمجها مع التطورات الرقمية الحالية لدفعنا مرة أخرى نحو مزيد من النجاحات.