Advertisement

Typography

مرونة الأعمال، الاستمرارية والنجاح، ثلاثة عناصر أساسيّة ترتكز عليها الشركات العالميّة لبناء قاعدة قوية لها في ظلّ الظروف الراهنة. فبعد التحديات الصعبة التي ظهرت بوضوح خلال السنة الماضية على ضوء أزمة كوفيد-19، ها هي الشركات تستجيب إلى هذه العوائق وتأخذ بالاعتبار مجموعة من التوجهات الجديدة لضمان نجاح عملها خلال عام 2021.

لم تعد ترتبط استمرارية الشركات بالاستقرار المالي فقط بل المطلوب اليوم القدرة على تنفيذ الأعمال وتقديم الخدمات بمستوى جيّد تحت ضغط الفترات الاستثنائية القائمة حالياً أو القادمة. فبحسب التقارير، تتمثل مرونة أعمال الشركات من خلال قدرتها على تخطي الأزمات المفاجئة والاستجابة إلى أي نوع من الظروف الطارئة. ولأن التكنولوجيا دخلت في كافة القطاعات والمجالات، تشير الدراسات إلى ضرورة خلق التكامل مع العالم الرقمي وتوفير الخدمات المطلوبة لتلبية احتياجات العملاء. من ناحية أخرى، لا بدّ من تأمين الحماية والخصوصيّة للموظفين والمستخدمين على حد سواء إلى جانب أمن العلامة التجارية أو الشركة  خصوصاً وأن استخدام تكنولوجيا المعلومات قد ارتفع مؤخراً بشكل سريع.

 

تأمين استمرارية الأعمال تحت الضغوطات الراهنة

مما لا شكّ فيه أن الأزمة الصحيّة تركت تداعياتها في كافة القطاعات الانتاجية وليس فقط على الجسم الطبي أو الاقتصادي. ولأن الأمور خرجت عن السيطرة بانتظار اللقاح "المُنقذ"، كشفت دراسة أجراها معهد استمرارية الأعمال أن 59.8% من خبراء استمرارية الأعمال يؤكدون أنه يتوجّب على كل شركة تأمين المرونة في مجال الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات لتجاوز الأزمة الصحيّة الراهنة.

ففي حين أن الاستراتيجيات العملية التقليدية لم تعد تنفع، بدأت الشركات تعتمد على  التواصل الافتراضي بدلاً من التواجد الحضوري في المكاتب. وفيما ابتعدت بعض الشركات عن هذه الفكرة الحديثة حققت الأخرى نجاحاً بارزاً بعيداً عن الصورة النمطية للأعمال.

إذاً للتكنولوجيا دورها المحوري في تأمين استمرارية الشركات وصمودها بوجه المشاكل الناتجة عن الأزمة العالمية التي خلقها كوفيد-19.

 

توجّهات الشركات العالمية للعام 2021

إلى جانب ضرورة اعتماد سياسات طويلة وبعيدة المدى تتسم بالمرونة والقدرة على التكيّف مع كل المصاعب المفاجئة، هناك بعض التوجهات التي على الشركات والشبكات العالمية إتخاذها وتثبيتها ضمن أسس عملها ابتداءً من عام 2021 وما بعده:

أولاً، إمكانية الوصول الآمن للبيانات عن بُعد. فوفقاً للدراسات وبعد فرض الاقفال التام، ارتفع عدد العاملين من المنازل ليصل إلى 4.7 أضعاف العدد الذي كان قبل تفشي وباء كوفيد-19. على ضوء ذلك، يتوجّب على الشركات إتاحة الامكانات المطلوبة لتسهيل عمل الموظفين إلكترونياً من جهة وزيادة إنتاجيتهم من جهة أخرى. لذلك يجب تحسين مستوى شبكات الانترنت وتطوير الشبكات الافتراضية الخاصة VPN  بالاضافة إلى تحميل برامج الحماية للتصدي للتهديدات الأمنية والهجمات السيبرانية.

ثانياً، تأمين أماكن العمل الذكية من خلال تجهيز خدمات الواي فاي ووضع نشاط الموظّف تحت ضوابط معيّنة لتعزيز سلامتهم وإمكانية الوصول إلى التحليلات المتواجدة على الموقع.

 ثالثاً، أصبح الاعتماد أكبر على الحوسبة السحابية التي تسهّل مرونة الأعمال بين أفراد الشركة الواحدة. بحسب رؤساء أقسام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فإن الحلول السحابية تسمح بتوزيع الأعمال بين التطبيقات الذكية ومزودي الخدمات السحابية بكلفة قليلة وبمستوى عالٍ من الوقاية مما يقلل من خطر التعرّض لعطل إلكتروني.

 رابعاً والاهم، اعتماد تقنية الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي الذي يسمح لموظفي الشركات إدارة الكوارث الرقمية والتصرّف بشكل أسرع حيال أي عملية قرصنة.

 

نجاح شركات التكنولوجيا في مسيرة مستمرّة

ساهم تقلّب سلوك المستخدم خلال الفترة الماضية في خلق العديد من التعديلات والتغيّرات بنوعية الخدمات المقدّمة. أما النجاح الذي لمسته بعض شركات التكنولوجيا في العام 2020 فلم يتوقّف مع نهاية العام وحسب فها هو يمتد حتى سنة 2021 وبصورة أكبر طالما أن الأطباء ما زالوا يعتبرون أن 2021 هي سنة كورونا بامتياز.

فبعدما ارتفعت ايرادات شركات ألعاب الفيديو والتجارة الالكترونية إلى جانب شركات الاتصالات يبقى السؤال الأبرز اليوم، كيف لهذه الأخيرة أن تحافظ على هذه الأرباح وتعمل على تنميتها أكثر؟

مع تفشي الوباء وتخوّف المستهلكين من التخالط أو الذهاب إلى المحلات التجارية، توجّهت أغلبية الناس نحو التسوّق الالكتروني مما أدى إلى ازدهار الحركة التجارية عبر الانترنت بصورة استثنائية. هذا الواقع رفع نسبة المبيعات أضعافاً خصوصاً مع الشركات التي تميّزت بسرعة تسليم منتجاتها وإرضاء المستهلك. وعلى الرغم من كل هذا الزخم إلا أن الدراسات تثير بعض القلق حول امكانية استمرارية نجاح التسوق الالكتروني للفترة القادمة أقلّه، حيث هناك بعض المنتجات التي يفضّل المستهلك تجربتها شخصياً قبل شرائها كالأجهزة الذكية أو الملابس.

وقد أظهرت البيانات أن استخدام البطاقات الائتمانية لاجراء التسوق الالكتروني وصل إلى ذروته ليشهد ركوداً في الفترة المنصرمة. هذا الركود يشكّل تحدياً كبيراً أمام الشركات الرائدة في المجال الرقمي لكيفية تحقيق الاستمرارية المرجوّة.

وبينما تواجه التجارة الالكترونية مرحلة مفصليّة، لا تزال شركات ألعاب الفيديو تحصد الأرباح مع انطلاق العام 2021. فبالتزامن مع الجائحة، عملت شركات ألعاب الفيديو على إنتاج إصدارات جديدة من الألعاب الافتراضية.

مؤخراً، أصدرت شركة "نيفيديا" أحدث برامجها لمساعدة مستخدمي الكمبيوتر على تحسين تصميماتهم الخاصة بألعابهم. كذلك أطلقت شركتا سوني ومايكروسوفت مجموعة جديدة من أجهزة التحكّم بالالعاب الالكترونية منها بلاي ستايشن 5 و سلسلة  GeForce RTX 30 .

على ضوء ذلك، يرى الخبراء أن مستقبل ألعاب الفيديو ما زال مشرقاً لعام 2021 مع تحسّن اصدارات الشركات وتوفّر منصات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى ربط اللاعبين عبر الانترنت.

 

الصناديق الأوروبية تراهن على أرباح التكنولوجيا

على مقربة من تلقي لقاح فيروس كورونا، يتوقّع بعض مديري صناديق الأسهم الاوروبية ارتفاعاً في استثماراتهم في أسهم التكنولوجيا لعام 2021. فبحسب البيانات التي أوردتها بلومبرغ، إن أفضل 10 صناديق من بين تلك التي تتجاوز أصولها المليار دولار تتجه نحو التكنولوجيا والبرامج الرقمية وشبكات الانترنت بعدما تسببت الجائحة بتسريع التحول الرقمي عالمياً.

كما زادت القيمة السوقية لمزودي المنصات السحابية ومنها "سينتش إي بي" 4 أضعاف ليتصدر مؤشّر "سوكس يوري 600 ". كما ساهمت الشركات الرقمية بتحقيق الفرق في قيمة الأسهم هي التي تمكّنت من التغلّب على أزمة كورونا.

 

بعد التجارب وبحسب آراء أغلبية الخبراء، برهن فيروس العصر أن ارتباط الأعمال بالتكنولوجيا يضمن لها الاستمرارية والقدرة على تخطي الظروف بأقل ضرر ممكن. لكن ذلك لا يلغي دور سائر الشركات أو الأعمال التي ما زات بعيدة عن العالم الرقمي إنما مما لا شكّ فيه أن الأفضلية والأرباح لن تكون من رصيدها في الفترة الحالية.

أما لفترة ما بعد الجائحة، فالواقع لن يتغيّر كثيراً، فما تمكنت أن تغيّره كورونا سيبقى على ما هو عليه على المدى الطويل ولا رجوع إلى القواعد السابقة.