Advertisement

Typography

 خلقت جائحة كوفيد-19 نمطاً جديداً في كافة المجالات. فبينما كان تأثيرها سلبياً على العديد من القطاعات والشركات، إلا أن ذلك لم يمنع مجموعة من الشركات الأخرى من الاستفادة من الأزمة لتحقيق الأرباح.

بإختصار، شكّل عام 2020 نقطة مفصليّة للعالم أجمع الذي أدرك أهمية التواصل والاتصال الافتراضي في وقت تم الالتزام فيه بالإغلاق التام.

شهد عمالقة التكنولوجيا وقطاع الاتصالات بالأخص تحولاً بارزاً مع أزمة كورونا حيث انصب تركيز العملاء على الخدمات الرقمية واستخدام شبكة الانترنت بشكل مكثّف لمواصلة نشاطاتهم العملية واليومية عن بُعد. في ظل هذا الواقع، تمكنت بعض الشركات من اتخاذ الاجراءات الصحيحة والضرورية للمضي قدماً ومواجهة التحديات التي فرضها الوباء بظرف أشهر قليلة، إما عبر إدارة التكاليف أو إعادة تنظيم طرق الأعمال. في المقابل هناك من لم يدرك كيفية إدارة الأزمة مما أودى الى أخذ قرار بالاقفال لعدم قدرة الشركة على تحمّل خسائر مالية أكبر.

 

شركات التكنولوجيا تحصد الملايين

وجّهت كارثة كورونا الأنظار إلى الحلول الرقمية فكان لا بدّ من تحقيق التحول الرقمي بأسرع وقت ممكن لضمان الاستمرارية. على ضوء ذلك، وسّعت شركات التكنولوجيا نشاطاتها ودعّمت نفوذها للعمل على جذب أكبر عدد ممكن من العملاء الجدد وكسب ثقة العملاء القدامى. فقبل الجائحة كان للتكنولوجيا دورها المحوري في تسهيل حياتنا، أما بعد الجائحة فأصبحت وسيلة أساسيّة.

فتخيّل أن تحقق شركات التكنولوجيا أرباحاً هائلة تتجاوز بها شركات السينما أو الرياضة حتى. وبحسب البيانات الخاصة بالأرباح العالمية، ومقارنةً بين نتائج النصف الأول من العام 2019 والفترة نفسها من العام 2020، فقد بلغت نسبة النمو لدى شركات التكنولوجيا 2.8%، بينما زادت الأرباح في مجال الخدمات 2.4%.

أما عمالقة هذه الشركات فقد زادت ثرواتهم، حيث حصد المدير التنفيذي لشركة "أمازون" جيف بيزوس، أرباحاً تُقدر بنحو 73 مليار دولار للعام 2020، لتبلغ ثروته بذلك حوالى 182 مليار دولار في وقت ارتفعت فيه أسهم شركته 67%.

وكذلك الأمر بالنسبة لمارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، الذي بلغت ثروته  حوالى 30 مليار دولار، قي وقت ارتفعت أسهم فيسبوك 35%، وأخيراً مؤسس "مايكروسوفت"، بيل غيتس، الذي زادت ثروته بنحو 15 مليار دولار.

 

تطبيقات اتصال الفيديو فوق الريح!

لأن أعمالنا واتصالاتنا مع العالم الخارجي باتت مقيدة بشروط معيّنة، كانت تطبيقات الفيديو عنصراً بارزاً لمواجهة الأزمة من جهة وتأمين الاتصال الدائم من جهة أخرى. من الاجتماعات الافتراضية إلى المحادثات الجماعية، ربطت تطبيقات الفيديو العالم ببعضه.

على الخط نفسه، حقق تطبيق زووم عوائد ضخمة في ايراداته التي قفزت إلى 335% خصوصاً في ظل انتشار كورونا حيث ارتفعت أرباح الشركة إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 663.5 مليون دولار.

كذلك، شهد تطبيق التراسل واتساب المملوك لشركة فيسبوك زيادة بنسبة 40% في الاستخدام والتي نمت من ارتفاع أولي بنسبة 27% في الأيام الأولى من انتشار الوباء إلى 41% في منتصف مرحلة التفشي. أما في البلدان التي شهدت تفشياً كبيراً لكورونا  فقفز استخدام تطبيق واتساب بنسبة 51%. كما شهد تطبيق انستغرام ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة المستخدمين التي زادت 40%.

 

مبيعات الهاتف المحمول تتراجع لعام 2020

فيما كانت شركات التطبيقات الذكية تحصد أرباحها، وعمالقة التكنولوجيا يتمتعون بزيادة ثرواتهم نتيجة جائحة كورونا، كانت الشركات المصنعة للهواتف المحمولة تواجه أصعب فترة لها.

فبسبب الاغلاق التام الذي فرض عالمياً لأشهر متعددة جراء تفشي الوباء التاجي، تراجعت شحنات الهواتف المحمولة لتسجل انخفاضاً عالمياً بلغ 16.7% خلال الاشهر الأولى من 2020. وبحسب ما جاء في تقرير حديث لشركة تحليل البيانات "أومديا"، فقد تم شحن 274.4 مليون هاتف ذكي للعملاء والمستخدمين مقابل نحو 329.9 مليون هاتف خلال نفس الفترة من العام 2019، أي ما يعني انخفاضاً بنسبة 16.7%.

كما أشار التقرير إلى تراجع سوق الهواتف الذكية عالمياً بنسبة 13.1% خلال العام الجاري لا سيّما في البلدان التي عانت من تفشي الوباء بكثرة مثل الصين التي انخفضت نسبة شحنات الهواتف الذكية فيها إلى أكثر من 20%. كذلك في الولايات المتحدة التي سجلت الشحنات فيها انخفاضاً بنسبة 16% وفي أوروبا بنسبة 18%.

أما عربياً، فكان للجائحة تأثيرها السلبي على السوق المصري الذي شهد تراجعاً في سوق الهواتف فيه ليصل إلى 5.145 ملايين دولار خلال شهر يناير 2020، مقابل 126.914 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام 2019. وبحسب الجهات المعنية، خلق انتشار كورونا عوائق عديدة خصوصاً في تأجيل اطلاق الطرازات المستحدثة للهواتف المحمولة  الجديدة مما ادى إلى تراجع بنسبة المبيعات في الأسواق المحلية والعالمية.

 

كيف هو واقع الأجهزة الذكية؟

مع الالتزام بالحجر المنزلي، زاد استخدامنا للأجهزة الذكية والقابلة للارتداء. ففي وقت تحمّلت فيه شركة آبل خسائر في مبيعات هواتفها المحمولة بنسبة 20.7%، ارتفعت في المقابل مبيعات جهاز كمبيوتر ماك وآيباد إلى 9.0 مليارات دولار و6.8 مليارات دولار بالاضافة إلى السماعات اللاسلكيةairpod .

كما أعلنت شركة سامسمونغ في بيانها عن ارتفاع صافي أرباحها خلال الربع الثاني من العام 2020 بنسبة 49% سنوياً وذلك يعود للطلب المتزايد على الأجهزة الكهربائية الذكية وغيرها العديد.

أما شركة نوكيا، فسجلت صافي أرباح بقيمة 87 مليون يورو خلال الفترة الممتدة من شهر يوليو/ تموز حتى سبتمبر/ أيلول 2020. في هذا الاطار، يرى المدير التنفيذي للشركة بيكا لوندمارك، أنه سيكون هناك العديد من التحديات بإنتظار نوكيا مع مطلع عام 2021 لذلك يجب على فريق العمل أن يعزز أبحاثه في مجال التطوير لضمان الريادة في السوق العالمي والمحلي.

 

مسؤوليات على عاتق الشركات فما هي؟

إذا كان الاقبال قد ارتفع على استهلاك الأجهزة الذكية واعتماد التطبيقات والمواقع الافتراضية، إلا أن ذلك لا يجب أن بنتهي هنا فحسب، بل يضع شركات التقنية والتكنولوجيا تحت ضغط كبير ومسؤولية أكبر تجاه العملاء والمحليين وحول العالم.

صحيح أن الايرادات ارتفعت نتيجة العمل والدراسة عن بُعد، لكن في الوقت نفسه أصبح العميل يبحث عن الخدمة الأفضل والأسرع!

لذلك على الشركات المعنيّة  العمل على أن تؤمّن شبكات الانترنت سعة واسعة لاستيعاب الكم الهائل من الحسابات والأعمال القائمة عليها، بالاضافة إلى أهمية المباشرة بمشاريع اصلاحية لشركات التكنولوجيا لإعادة توجيه فريق العمل لديها ومساعدته للحصول على كل الأجهزة الضرورية.

في زمن تتصاعد فيه حدة المنافسة، يبقى التميّز هو الأهم وتأمين الخدمة الأفضل والأسرع على الاطلاق هو الطلب الوحيد لأي مستخدم.