Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

قد يصفها البعض أنها شبكة المستقبل الأسرع على الاطلاق، هي التي ستتيح للحكومات قدرة التحكم بالمدن الذكية والبنية التحتية وستسمح  للأفراد بإدارة بياناتهم. إنها شبكة الجيل السادس التي ينتظرها العالم وقد يكون تحقيقها أقرب من المتوقع.

 

تتنافس الدول لتحظى ببراءة اختراع رسمية تسمح لها بتطوير شبكات الجيل السادس خصوصاً وأن السرعات التي تتميّز بها هذه الشبكة ستكون أضعاف السرعة التي تقدّمها شبكة الجيل الخامس وسابقاتها. فخلال السنوات الماضية، تمكّنت الدول النامية والمتطوّرة أهمها الصين والولايات المتحدة من توسيع نطاق الجيل الخامس لتعود بمنافسة أشرس مع خطط تطوير شبكة الجيل السادس التي ستقدم خدمات كانت أقرب إلى الخيال ومنها صور الهولوغرام المجسّمة، السيارات ذاتية القيادة والاتصال بالانترنت على مدار الوقت.

 

بين الصين والولايات المتحدة...سباق في اختبار موجات الجيل السادس

في وقت تتسابق فيه شركات الاتصالات للانتقال من شبكة الجيل الخامس إلى الجيل السادس، تخطو الولايات المتحدة والصين خطواتهما بثقة نحو توسيع قاعدتهما بهذا المجال. فبعدما انشرت شبكات الجيل الخامس لتمتد حالياً إلى نحو 7%من سكان العالم، من المرجح أن ترتفع هذه النسبة إلى 20% بحلول العام 2025 إلى جانب المحاولات لتمديد الجيل السادس. وفي هذا الاطار، سبق أن غرّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أوائل العام 2019 أن شبكة  الجيل السادس باتت أقرب إلى الحقيقة. وخلال أكتوبر الماضي، أقامت الولايات المتحدة العديد من الاتفاقيات والتحالفات لتطوير شبكة المستقبل في أنحاء أميركا وذلك بالتعاون مع اهم الشركات الرائدة في عالم التكنولوجيا والتقنية.

 أما الصين فباشرت اختباراتها لموجات إرسال الجيل السادس في نوفمبر الماضي حيث أطلقت قمراً صناعياً لهذه الغاية. بدوره أشار المدير التنفيذي لمجموعة المشاريع التجارية في هواوي الشرق الأوسط إلى استعداد الشركة الصينية لتبدأ رحلتها مع تقنية الجيل السادس بحلول العام 2025 خصوصاً وأن هواوي خصصت نحو 18 مليار دولار للأبحاث والتطوير لافتةً إلى تقدّم الصين على الولايات المتحدة في البعض من براءات الاختراع في العام 2019.

 إلى جانب ذلك، يملك العملاق الصيني هواوي مركزاً للأبحاث في كندا متخصصاً بشبكة الجيل السادس.  كذلك كان الاتحاد الأوروبي من بين العاملين على تطوير الجيل السادس حيث أطلق في ديسمبر الماضي مشروعاً خاصاً. 

 

سرعات 100 ضعف سرعة الجيل الخامس لعالم متصل بالكامل

توفر شبكات الجيل السادس سرعات تقدّر بمئة ضعف سرعات الجيل الخامس لتتفوق بذلك على الشبكات السابقة من حيث السرعة، زمن الاستجابة وقدرتها على تأمين المرونة في حركة البيانات. يتحدّث الخبراء عن مميزات أخرى تجعل من شبكة الجيل السادس التكنولوجيا المنتظرة  بشوق، فبعدما كان الحديث عن 100 جيغاهرتز لنقل البيانات مع الجيل الخامس، ها هو الجيل السادس يؤمّن نطاق تيراهيرتز لسرعة فائقة كلياً. أما عن السرعة المدعومة من قبل الجيل السادس فتتجاوز 1000 كيلومتر في الساعة لتتيح للمستخدم إمكانات عدّة لم يكن باستطاعته انجازها مع الجيل الخامس. يعتقد الخبراء بأن تصل سرعة الجيل السادس إلى 1000جيغابايت في الثانية مع زمن استجابة أقل من100 ميكروثانية.

 

صراعات ومخاوف من التكنولوجيا الجديدة فهل تُستغل لغايات خطرة؟

على قدر ما يستفيد الانسان من خدمات التكنولوجيا والابتكارات الذكية على قدر ما يمكن أن تسبب له الكثير من المشاكل التقنية في ظلّ ارتفاع عدد الهجمات السيبرانية وحرفية عمليات القرصنة الالكترونية. ومع توسّع شبكات الجيل الخامس وطرح الجيل السادس، يخشى الخبراء من تطور القرصنة الالكترونية واستخدام التكنولوجيا الجديدة لمراقبة حركة البيانات أو تهديد الحسابات الرقمية على شبكة الانترنت.

بعدما حققت الصين تقدماً في مشاريع تمديد الجيل السادس، تخشى الدول الغربية من أن يتم استغلال التطوّر والسرعة التي توفّرها شبكات الجيل الجديد لدعم الطائرات المسيرة، أو تهديد المواطنين خصوصاً من يعملون عن بُعد إلكترونياً بالاضافة إلى تهديد الشركات وقطاع الأعمال.

أما الولايات المتحدة، فتعمل بجهد لتطوير شبكات الجيل السادس لمنافسة الصين خصوصاً بعد الحروب التكنولوجية التي دارت بين البلدين مع انتشار الجيل الخامس. بدورها عقدت المفوضية الاوروبية  شراكة استراتيجية لكل ما يتعلق بالخدمات الذكية والشبكات اللاسلكسة على أن يتم استثمار نحو 9000 مليون يورو في المشاريع التنموية والأبحاث في مجال شبكات الانترنت والتكنولوجيا. بهذه الخطوة يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز مكانة أوروبا في سباق شبكة الجيل السادس وتطوير الاقتصاد الرقمي وتحقيق التحول الرقمي في أوروبا.

على الخط نفسه، تعمل اليابان على تعزيز قدراتها لتطوير شبكات الجيل السادس لديها مستغلة الصراع الأميركي الصيني والحظر المفروض عل الشركات الصينية. في غضون ذلك، دعمت الحكومة اليابانية عام 2019 المشاريع التي تقوم بها الشركات لإنماء شبكات الجيل السادس مع تخصيص ملياري دولار. كما خصصت طوكيو 500 مليون دولار لتعزيز خدمات الاتصالات ودعم الجيل السادس، ويأتي ذلك ضمن الخطط التي طُرحت للعام 2020.

 

 

أبعاد ثقافية ودلالات متعددة ما قبل السباق العالمي على التكنولوجيا الجديدة

تعتبر الحرب الالكترونية من أخطر الحروب التي يواجهها عالمنا اليوم، ومع تطور الشبكات تعود المنافسة بين الدول الصغيرة منها والكبيرة. ونظراً لتعدد الامكانات التي تقدمها التكنولوجيا في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية، تحصد الدول أرباحاً سنوية طائلة مع دخول الابتكارات الذكية لتحسين جودة الخدمات والأعمال. في هذا الاطار، يشير الخبراء الى أنه لا بدّ من التسلّح بالجيل السادس إلا الخروج من المنافسة العالمية.

من الناحية السياسية، يعتبر التحصّن الرقمي من أبرز عناصر الدولة القوية سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً. ومع توسع الجيل السادس تزداد المخاوف بتوظيف الأنظمة الجديدة لغايات سياسية تترجم بانتهاك خصوصية الأفراد والتجسس عليهم إلكترونياً. الأهم من ذلك، يبقى العائدات التي ستجنيها الدول الداعمة لشبكات الجيل السادس والتنمية الاقتصادية التي ستحققها على خلفية ذلك.

ترسم شبكات الجيل السادس ملامح جديدة للمنافسة العالمية في وقت تسعى فيه الدول إلى تحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية التي تدعم رؤيتها المستقبلية وتسهّل دخولها إلى العالم الرقمي. فإلى جانب الخدمات والازدهار الذي سيشهده العالم مع تطوّر وانتشار الجيل السادس قد تطرح تقنيات الجيل الجديد مخاطر عدة تنطوي على عدم احترام سلوك النشاط الالكتروني وتهديد الأمن القومي والخصوصية الرقمية. فبعد الجيل الخامس، هل سيخلق الجيل السادس تحدياً جديداً لصراعات داخلية وخارجية على مستوى المنطقة والعالم؟