Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

برزت الأنظمة الحيوية مع توسع التكنولوجيا على مستوى العالم كما واصلت الشركات في القطاعين العام والخاص طرحها للحلول المبتكرة تعزيزاً لراحة المستخدم. ومع ازدهار التطبيقات اللاتلامسية، تزايد زخم البطاقات والأنظمة البيومترية التي تفوّقت على الأنظمة التقليدية لاجراء العمليات بمرونة أكبر.

يأتي النظام البيومتري لتوفير قدر أكبر من الأمان والسرعة والسريّة إنما لا يخلو الأمر من بعض الثغرات المحتملة. ونظراً للمميزات التي تحملها التكنولوجيا البيومترية يشير أكثر من نصف المستخدمين الى استعدادهم لدفع مبلغ شهري مقابل الحصول على خدمات بطاقة الدفع البيومترية وهذا ما قد يساهم في زيادة حجم المعاملات ورفع الايرادات. ليس من المستغرب أن تتفوق البطاقات الآن على الدفع النقدي باعتبارها الطريقة الأكثر شيوعاً لعمليات الشراء داخل المتاجر. بحسب الاحصاءات، يتم إجراء 73% من عمليات الدفع حول العالم داخل المتاجر باستخدام البطاقات، و50% منها تتم بدون تلامس. ويدعم اللاعبون الأساسيون خصوصاً في كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ارتفاع الطلب على الأمن البيومتري بالاضافة إلى تطوير حلول متكاملة لتشغيل الدفع الذكي واتمام المعاملات عبر البصمة البيومترية.

 

المعلومات البيومترية تعبر الحدود

تتبنى المنطقة العربية مفهوم الأنظمة البيومترية هي التي تواكب التطور والسرعة بكل أوجهها. إذ تعمل حكومات المنطقة الخليجية والعربية على تسهيل المعاملات والعمليات التشغيلية مع احترام المعايير الأمنية وحفظ المعلومات الشخصية. بعد أزمة الوباء عام 2020، باتت الأنظمة البيومترية تُستخدم على نطاق أوسع لتعبر الحدود والنقاط الحدودية. في هذا السياق، أعلنت حكومة المملكة العربية السعودية عن انشاء مراكز للأنظمة البيومترية لاصدار تأشيرات السفر وخدمة المسافرين بكل المراحل المطلوبة منهم في المطار. هذا إلى جانب قطر وغيرها من دول الشرق الأوسط التي تستخدم المعلومات البيومترية في المعابر الحدودية لتحديد هوية الأشخاص بسرعة ودقة أكبر وبهدف تحسين الخدمات التي تُمكّن الحكومات من تعزيز تجربتها مع المواطنين دون تجاوز الأطر القانونية المتعلقة بالخصوصية.

ساهم انتشار الحلول البيومترية بالتحكم في الوصول إلى حلول جديدة مبتكرة لدعم احتياجات التصميم لهذا السوق الديناميكي. وفي وقت ارتفع فيه عدد الأعمال عن بُعد، أعادت الحكومات النظر بالسبل الممكنة لمواجهة التهديدات الالكترونية المعقدة ودعم التطبيقات الجديدة التي تفرض بيئة عمل مغايرة تهدف إلى سدّ الفجوة الرقمية.

في سياق متصل، أعلن مطار دبي الدولي عن إطلاق نظام جديد للوصول إلى المطار بدون جواز سفر في المبنى رقم 3. دخل النظام الجديد قيد التنفيذ في نوفمبر ليمكّن المسافرين من التنقل بسهولة وإجراء العمليات بدءاً من تسجيل الوصول، والمرور عبر الجوازات، وأي نقاط تفتيش، والوصول إلى صالات الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال، حتى صعود المسافر إلى الطائرة، باستخدام معرف بيومتري واحد - بصمة وجه المسافر. وبحسب المعنيين، إن هذا النظام هو الأول من نوعه في المنطقة وهو واحد من عدد قليل جداً من الأنظمة العاملة حالياً على مستوى العالم.

لضمان أعلى معايير الأمان، يتبنى النظام البيومتري نهجاً شاملاً للتحقق من الركاب، ويشمل العديد من المكونات البيومترية بما في ذلك بصمة القزحية، وبصمة الوجه، والطباعة الحرارية، وبصمات الأصابع. تم إعداد النظام البيومتري الموحد لزيادة إنتاجية الركاب في المطار بشكل كبير وإلغاء الحاجة إلى عدادات تسجيل الوصول والهجرة التقليدية، مما يوفر للمسافرين تجربة سفر سلسة.

بينما تنتشر الحلول الذكية ويعيش الكثير من الأشخاص في حياة متصلة تماماً، يبحث المستخدمون عن خدمات جديدة تُسهّل عليهم المهام الروتينية. في هذه الحالة، قد تكون القياسات البيومترية بوابة حيوية لحياة أكثر ذكاءً حيث يحتاج المستهلكون إلى طريقة سلسة للوصول والمصادقة عبر قائمة متزايدة من الأجهزة الالكترونية الموجودة في المنازل والمباني الذكية. إلى جانب التسهيلات العملية، تحلّ الأنظمة البيومترية مكان كلمات المرور وأرقام التعريف الشخصية الضعيفة. ففي حركة واحدة، يمكن للمستخدمين انجاز عمليات التسوّق وتحميل المعلومات اللازمة بالشكل الملائم.

 

مستقبل السفر من دون جوازات

هل ستتعدّل مراحل السفر مع وجود الأنظمة الذكية؟ وما هو دور البيانات البيومترية في تحويل مشهد السفر حول العالم خصوصاً في المطارات الأكثر ازدحاماً؟ أسئلة جديرة تتداولها الأوساط كلما تقدّمت التكنولوجيا وزادت وتيرتها. في ظلّ هذه التحولات، تسير الحكومات في رؤيتها الخاصة لتطوير قطاع السفر ودمج التكنولوجيا فيه. اعتباراً من العام 2024 سيشهد مطار شانغي في سينغافورة تقدماً بارزاً في هذا المجال حيث سيُسمح للمسافرين بمغادرة البلاد استناداً إلى البيانات البيومترية دون الحاجة إلى ابراز جواز السفرهذا إلى جانب برامج التعرّف على الوجه وتفعيل الممرات الآلية للتفتيش. تعليقاً على ذلك، اعتبرت وزيرة الاتصالات في سينغافورة، جوزفين تيو ان "البلاد ستكون واحدة من الدول القليلة الأولى في العالم التي تقدم تصريحًا آليًا للهجرة من دون جواز سفر".

سبق أن دشّن مطار دبي الدولي في العام 2018 البوابات الذكية البيومترية للتحقق من هويات المسافرين عبر تقنية التعرف على الوجه بظرف ثوان معدودة إلى جانب مطار حمد الدولي في قطر الذي يتيح التقنية البيومترية لعبور البوابات الذكية وغيرها من المطارات حول العالم: مطار "هونغ كونغ" الدولي، ومطار "طوكيو ناريتا"، ومطار "طوكيو هانيدا"، ومطار "أنديرا غاندي" الدولي في دلهي، ومطار "لندن هيثرو"، ومطار "شارل ديغول" في باريس.تخضع الهوية والبيانات البيومترية لمعايير دولية لتخدم المواطنين أثناء دخولهم أو خروجهم من وإلى الأماكن العامة لجمع البيانات كافة بسهولة.

 

الأنظمة اللاتلامسية في بيئات العمل

تدمج الشركات أنظمة التحكم الرقمية في سير العمل كخطوة أولى نحو العالم الرقمي الحديث والطريق لتطبيق استراتيجية التحول الشامل. بمساعدة القياسات الحيوية والبطاقات البيومترية، تعزز الشركات ثقة الموظفين تجاهها من خلال العمل مع مجموعة واسعة من التطبيقات والمواقع الالكترونية الموثوقة. فمع استمرار نشر تكنولوجيا القياسات الحيوية عبر التطبيقات وحالات الاستخدام الجديدة، تدفع هذه التقنية الأعمال إلى الأمام مما يضمن مستوى عالياً من الابتكار ويتيح مصداقية أكبر للمصادقة والأمان.

تعمل المصادقة البيومترية على تحسين الإدارات الداخلية في الشركات للتحقق من معلومات الموظفين بطريقة آمنة بعيدة عن الطرق التقليدية، كما أنها تعتبر سهلة التثبيت وأكثر فعالية مما يزيد احتمالية استخدامها خلال المرحلة المقبلة.

 

تحديات ومخاطر قادرة على تدمير البيانات؟

تحديات عدّة قد تعارض تطبيق الأنظمة البيومترية وتنفيذها بنجاح أبرزها على المستوى المالي. فعلى الشركات الاستثمار بشكل دوري ببرامج الحماية وصيانة الأجهزة الذكية التي يجب أن تتوفر لالتقاط صورة المستخدم وجمع البيانات الحيوية والتأكد من مطابقتها مع لوائح خصوصية البيانات. أما على المستوى التطبيقي، فيجب تكثيف ورش العمل لتدريب الموظفين على استخدام هذه التقنية واستغلال فوائدها. يُتابع الخبراء الحديث عن مخاطر الأنظمة البيومترية على المجتمعات أيضاً حيث لا يمكن الاعتماد فقط على أصابع الانسان أو بصمة وجهه والاستغناء تماماً عن المستندات الورقية. كما اعتبرت أوساط أخرى أن هذه التقنيات لها مخاطرها على المستوى الاجتماعي كونها تعزز التمييز الاجتماعي لا سيّما بين الأفراد الذين يعانون من تشوهات خلقية أو من احتياجات جسدية أو مشاكل في الصوت خاصة تمنعهم من ابراز بصمتهم الصوتية أو الوجه أو حتى الاصبع على آلات المسح الضوئية.

ولأن الثغرات الأمنية لا مفرّ منها في عالم سريع التطوّر، قد تتعرّض البيانات البيومترية إلى انتهاكات سيبرانية مع سرقة كلمات المرور لملايين من المستخدمين. هذا وتستفيد الشركات التجارية من المعلومات البيومترية لتنشيط الاعلانات الالكترونية إلى جانب المواقع الالكترونية التي قد تميّز بصمة الوجه فتكون وسيلة أمام المقرصن للوصول إلى معلومات الجهاز المستخدم. تتنوع أوجه الهجمات الالكترونية وأهدافها مع تنوع الطرق المعتمدة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من البيانات والمعلومات، لتحمل الشركات والأفراد نتيجة هذه الفوضى. ومن المتوقع أن تتضاعف تكاليف الجرائم الالكترونية بنسبة 15% على مستوى العالم لتسجل 10.5تريليون دولار بحلول عام 2025. في هذا السياق، يشدد بعض الخبراء على مخاوفهم بشأن هذه التقنية والتحول الذي أحرزته خلال السنوات الماضية وقدرتها على تتبع المستخدم مما يضاعف عمليات المراقبة الجماعية بطرق احتيالية عدّة.

 

البيانات البيومترية ونظام الحماية

تبقى استراتيجيات الحماية الالكترونية من أولويات الشركات والحكومات التي تسعى جاهدةً  للحفاظ على بياناتها من قراصنة الانترنت وخوض مغامرة الثورة الصناعية الرابعة بكل أخطارها. مع الاتصال بالعالم الافتراضي تتزايد المخاطر في وقت أصبح فيه تسجيل الدخول على التطبيقات الذكية والمواقع الالكترونية من خلال مشاركة البيانات الخاصة من المراحل المطلوبة لضمان عمل هذه الأخيرة.

هنا يبرز دور أنظمة الحماية التي يمكن للمستخدم تحميلها لحماية بياناته البيومترية بالاضافة إلى بعض الخطوات التي يُنصح بها:عدم تسجيل الدخول على المواقع الالكترونية المجهولة وعدم مشاركة البيانات البيومترية مع الروابط غير الرسمية. عدم مشاركة البيانات مع طرف ثالث. التأكد من الجهاز المستخدم قبل تسجيل البصمة البيومترية أو استبدالها بكلمة مرور.

لغاية اليوم، لا تزال حماية البيانات البيومترية تثير فضول المنظمات والشركات الكبرى نظراً للمخاوف التي تتزامن معها على الرغم من كل النتائج الايجابية الملموسة نتيجة اعتماد هذه التقنية خصوصاً من قبل الجهات الحكومية التي تمكّنت من فرض سيطرتها على نطاق أوسع ومتابعة المواطن عبر المعلومات البيومترية المسجّلة لديها.

تؤكد هذه التقنية التي ترتكز بالأساس على الذكاء الاصطناعي أهمية التكنولودجيا اليوم في حياة الانسان فلم تعد الأعمال فردية فحسب بل أصبحت كناية عن مجموعة من الممارسات التقنية التي تصب لمصلحة المستخدم من جهة وتعزز أهمية التحول الرقمي من جهة أخرى. وكما يسعى عمالقة التكنولوجيا جاهدين لطرح مزيد الابتكارات تستجيب لحاجاتنا المستقبلية، ها هي البصمة البيومترية تقودنا نحو الحلول اللاتلامسية 100% ليكون الانسان حلقة وصل بين العالم الحقيقي والمجتمع الرقمي.