Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تحسّن نشاط التجارة الالكترونية بشكل لافت في ظلّ العصر الرقمي وتجسّد الأرقام الصادرة مؤخراً هذا التحوّل على مستوى المنطقة ودول الخليج بصورة خاصة. تكتسب التجارة الرقمية اهتمام رجال الأعمال وشركات التكنولوجيا وأصحاب المشاريع الناشئة للوصول إلى أكبر عدد من العملاء دون التقيّد بالزمان أو المكان. فكيف بدا أداء دول الخليج من حيث تفعيل معاملات التجارة الالكترونية بين الشركات والمستخدمين خلال السنوات الأخيرة؟

تمثّل منطقة الخليج واقعاً واضحاً عن رغبة السوق والأفراد باعتماد التجارة الرقمية بالتوازي مع انتشار شبكة الانترنت وزيادة استخدام الهواتف المحمولة واكتساب معرفة أكبر حول فوائد التجارة الالكترونية وانعكاساتها الايجابية على الأعمال الصغيرة والكبيرة.

انتقلت دول الخليج إلى مرحلة متقدمة في هذا المجال بعد انتشار الوباء فتتنافس كل من الامارات والمملكة العربية السعودية وقطر على المراتب الأولى. تستعد صناعة التجارة الإلكترونية في قطر لنمو كبير، مع توقعات تشير إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.40% بحلول عام 2028. وفقاً للتقارير الأخيرة، من المتوقع أن ترتفع قيمة قطاع التجارة الرقمية من 3.82 مليارات دولار (13.91 مليار ريال قطري) إلى 5.99 مليارات دولار (21.81 مليار ريال قطري) على مدى السنوات الخمس المقبلة.

تتبنى الدول الخليجية بيئة مثالية لنمو التجارة الرقمية وتوسعها. وتسلّط الأرقام الضوء على اعتماد استراتيجيات خاصة لهذا الهدف وتجدر الاشارة الى قطر التي توسع شراكاتها على مستوى المنطقة والشركات الدولية لخلق فرص اقتصادية ملائمة للاستثمارات الأجنبية ودعم حركة التجارة الالكترونية. فإلى جانب الاتصالات والتقنية، من المتوقع أن يشهد سوق التجارة الالكترونية نمواً ملحوظاً خصوصاً على مستوى تحسّن الخدمات خلال السنوات المقبلة.

توفّر الدول الخليجية مساحة واسعة لاقامة المشاريع الناشئة فيها وبيئة تنظيمية ملائمة أيضاً. فمع اطلاق رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، أخذت التجارة الالكترونية في المملكة امكانات هائلة على مستوى التعاملات الدولية والمحلية. في السياق نفسه، وصلت التجارة الالكترونية إلى أعلى مستوياتها في الامارات حيث ينفق اليوم المستخدمون والشركات معدلات كبيرة سنوياً.

التجارة الالكترونية وعوامل النجاح

يرتكز نجاح هذا السوق على عوامل عدّة حيث تحرص الشركات على اعتمادها لضمان استمراريتها في هذا المجال وتحقيق الايرادات في آن. وتشمل هذه العوامل:

اعتماد استراتيجية واضحة: هذه الخطوة تسمح للشركات الخاصة والمؤسسات العامة بادارة أعمالها على أساس التجارة الحديثة واتخاذ الاجراءات اللازمة لتطبيق خطة التسويق لترويج المنتجات الكترونياً.

الاستجابة إلى متطلبات المستخدم: على الشركات متابعة المستخدم ومراقبة نشاطه على الانترنت وتحليل البيانات التي يتشاركها لتحسين تجربة التسوّق الرقمي وفهم توجهاته.

تعزيز قدرات اليد العاملة: تركز شركات التجارة الالكترونية على كيفية ادارة العمليات التشغيلية والحرص على ايصال المنتجات للمستخدم بأسرع وقت ممكن.

صيانة المتجر الالكتروني: تُعد الصيانة الدورية مهمة جداً للمواقع الالكترونية لتحديث برامج الحماية وتحديد المنتجات المتوفرة لتجربة تسوّق مرنة. على ضوء ذلك، تحدد الشركات الكلفة الاجمالية للقيام بهذه العملية بشكل سنوي.

تتنوع مجالات التجارة الالكترونية بين التجارة الرقمية بين الشركات والمؤسسات (B2B) التي تتمثل بعمليات البيع والشراء. بينما تأتي تجارة التجزئة على الانترنت والتي تتضمن كل أنواع المنتجات دون استثناء حيث توفرها الشركات على مواقعها الاكترونية فيكون أمام المستخدم فرصة للتسوّق من المنزل.

وتندرج الخدمات المالية والمعاملات الرقمية ضمن مجالات التجارة الالكترونية أيضاً مع امكانية تحويل المال أو الملفات عبر الانترنت. كما يمكن للمستخدمين اليوم تفعيل التجارة الالكترونية بنظام الاشتراك لتلقي المنتجات المختارة وفقاً لاهتماماتهم وتوصياتهم المدوّنة. تعزز هذه الخاصية التفاعل بين المستخدم والشركة مع اعتماد التجارة الالكترونية عبر الانترنت بشكل أكبر.

كيف يلعب الذكاء الاصطناعي دوره؟

كما أن التجارة الالكترونية تسمح بالوصول إلى فئة أوسع من العملاء على مستوى العالم، فهي لا تبخل أيضاً بفوائدها اقتصادياً. خلق هذا التحول وظائف جديدة في سوق العمل مع هدف تحسين الانتاجية بشكل كبير.

يلعب الذكاء الاصطناعي دوره في تطوّر مجال التجارة الرقمية فيتجسّد ذلك بارتفاع نسبة المبيعات لدى الشركات بعد دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها. تتم برمجة الآلات المعتمدة في المصانع لانجاز المهام الصعبة وخدمة الموظّف وتوفير الجهد والوقت. هذا ما يسرّع عملية استلام المنتج من قبل المستخدم. أما أنظمة الكمبيوتر وبرامج الروبوت فتلعب دورها أيضاً في تحليل المعلومات والبيانات لتعامل أفضل.

تتطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل متواصل لتنقل التجارة الالكترونية إلى مرحلة متقدّمة. ومع وجود هذه التقنية، باتت تحمل التجارة الالكترونية سمات عدّة أبرزها الأمن الرقمي وخصوصاً في عمليات الدفع عن بُعد كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتطوير مصادقة جديدة وتسهيل طريقة استخدام تطبيقات الدفع الرقمي.

وفي وقت كانت التقنيات الحديثة مجرّد وسيلة لجذب "زائري" المواقع الالكترونية باتت الآن تعتمدها شركات التجارة الالكترونية لتنمية أعمالها والحفاظ على عملياتها التشغيلية وتلبية متطلبات العملاء عبر قنوات عدّة.

تمضي شركات التجارة الرقمية باستراتيجية الذكاء الاصطناعي المبتكرة مع التقدم التكنولوجي إما عبر التعلم الآلي أو البرمجة الالكترونية أو تحليل البيانات أو عبر تفعيل الاشراف الرقمي لروبوتات الدردشة بدلاً من خدمة المستخدم. كما يتيح الذكاء الاصطناعي خاصية التسعير الديناميكي للمنتجات على الموقع الالكتروني مع تعديل الأسعار والاعلان عن العروض في الوقت الآني مما يعزز حدّة المنافسة وينشّط عمليات البيع في آن معاً.

أما في ما يتعلّق بتنفيذ الصور وكتابة النصوص للاجابات الفورية على أسئلة المستخدمين، فيتولى الذكاء الاصطناعي التوليدي الأمر حيث تستخدم الشركات هذه التقنية لضمان حملات تسويقية ناجحة على المستويات كافة.

رغم الايجابيات، تحديات عدّة قد يحملها الذكاء الاصطناعي للتجارة الالكترونية:

خصوصية البيانات: تعتمد خوارزميات الذكاء الاصطناعي على بيانات المستهلك لتقديم توصيات وتنبؤات مخصصة. يثير جمع هذه البيانات مخاوف بشأن الخصوصية وحماية البيانات. قد يهدد الذكاء الاصطناعي الشركات أيضاً فيضعها تحت خطر تسريب المعلومات أو انتهاكها.

كلفة الاستثمار: قد يتطلّب تنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي الكثير من الاستثمارات المالية وهذا ينطوي على ضرورة تحديث الأنظمة التشغيلية ودعم البنية التحتية الرقمية والاستثمار المتواصل على مدار السنة.

خدمة العملاء: قد يُفضّل الكثيرون خدمة العملاء من موظّف بشري على خدمة العملاء الروبوتية باعتبار أنها أكثر حقيقية. ويتخوّف البعض الآخر من فشل الروبوتات في التعامل مع المستخدم واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل سيئ مما يزيد احتمال حدوث ثغرات رقمية أكثر أو يرفع خطر الخدمات الرقمية المحتملة أيضاً.

لا تزال المجتمعات تجهل كيفية التعاطي مع جرائم التجارة الالكترونية مما يحتم ضرورة تكثيف المبادرات والشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحسين شروط بدء مشاريع التجارة الالكترونية وبالتالي تعزيز المشاريع المستقبلية في هذا المجال.