الفلاتر وتحويل الصور إلى شخصيات كرتونية، موجة جديدة من "تراند" مواقع التواصل الاجتماعي تغزو العالم. فبين "أنمي" و"غيبلي" اجتاحت الصور المفبركة منصاتنا الرقمية من تأليف الذكاء الاصطناعي عبر شركة "أوبن إي آي".
بينما ينشغل المؤثرون ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بمشاركة صورهم على حساباتهم الخاصة، تذهب استراتيجية "أوبن إي آي" إلى أبعد من مجرّد فلاتر للترفيه. بحسب الخبراء تحصل الشركة من خلال الصور الكرتونية هذه على بيانات المستخدم المستخرجة من التطبيق على الانترنت بطريقة غير قانونية. فمع موافقة المستخدم على تحويل صورته إلى صورة كرتونية، يمنح ذلك "أوبن إي آي" الفرصة الذهبية للوصول إلى كمية أكبر من المعلومات والبيانات الشخصية والتحكم فيها. وبحسب اللائحة العامة لحماية البيانات للاتحاد الاوروبي، يجب على شركات الذكاء الاصطناعي تبرير السبب لجمع الصور المفبركة أم القيام بذلك بطريقة لا تمس بالأمن الرقمي والمصحلة العامة. ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل تحتفظ الشركة بالصورة الحقيقة أيضاً التي تمت فبركتها بواسطة الذكاء الاصطناعي مما يشكّل خطراً أكبر على المستخدم ومعلوماته. في ظلّ عصر الفلاتر، يحذّر الخبراء من مخاطر هذه الخدمات التي تستغلها الشركات لغايات سيئة.
تحويل الصور... خطر اجتماعي
تشهد الصور المفبركة مؤخراً اقبالاً كبيراً مما يثير بعض التساؤلات حول تأثيرها على الخصوصية الرقمية وتداعياتها على المستوى الاجتماعي والشخصي. أمام هذا الواقع، يؤكد خبراء الأمن السيبراني أهمية حماية البيانات على الانترنت وخصوصاً على التطبيقات الرقمية التي تتيح هذه الخدمة ومواكبة الابتكارات التقنية دون التعرّض لخصوصية المستخدم.
ومع تنامي الذكاء الاصطناعي وقدرته على تحليل الصور وتخزينها من دون علم المستخدم في بعض الأحيان، واطلاق شركة "أوبن إي آي" نموذج "شات جي بي تي 4"، تزيد احتمالية تسريب الصور وحدوث اختراق أمني بنسبة أكبر. وتشمل هذه المخاطر استغلال الصور المفبركة واستخدام الوجوده فيها لمحتوى غير قانوني أو بيع البيانات لطرف ثالث. لا يطال الخطر معلومات الأفراد فحسب، بل أيضاً المؤسسات والشركات التي يجب عليها الالتزام باستراتيجية حماية خصوصية البيانات واتخاذ تدابير الأمن السيبراني لتجنب المخاطر المحتملة والتعامل مع كل أنواع التهديدات الناتجة عن الصور المفبركة والتطبيقات المشابهة. ان استخدام ابتكارات الذكاء الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقًا أوسع لتهديدات جديدة أكثر خطورة وهذا ما يعتبر جزءاً أساسياً من التحولات التكنولوجيا التي تقودها صور "غيبلي" المتطورة.
على هذا الخط، يحذّر خبراء في الأمن السيبراني من استخدام تطبيقات غير معروفة لفبركة الصور والتي تستغل البيانات لأهداف مشبوهة. كما أن هذه التطبيقات تزيد خطر التعرّض إلى تهديدات أو اختراقات أخرى. يهتم العالم بمجال الصور المفبركة أكثر من أي وقت مضى فإن خدمات تعديل الصور الحقيقية يضيف بُعداً جديداً وأساسياً على الحياة اليومية والعملية. أمام هذا الواقع، من المهم التكيّف مع تطورات الذكاء الاصطناعي وتدريب المجتمع على استخدام الحلول المتطورة بالطريقة الأنسب.
حتى لو لم يتم تخزين كامل المعلومات من قبل الشركات بواسطة الصور المفبركة ولا سيّما صور "غيبلي" الا أن جزءاً من البيانات سيبقى مخزناً في أنظمتها
ولا يستغل المقرصنون من الصور المفبركة بيانات الوجه فقط بل أيضاً معلومات عن الموقع وتاريخ التقاط الصورة، بالاضافة إلى تفاصيل عن طراز هاتف المستخدم وغيرها من المعلومات الشخصية المتعلقة به.
حتى لو لم يتم تخزين كامل المعلومات من قبل الشركات بواسطة الصور المفبركة ولا سيّما صور "غيبلي" الا أن جزءاً من البيانات سيبقى مخزناً في أنظمتها. وقد يُعاد استخدام هذه الصور لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على مراقبة سلوك الأفراد على مواقع التواصل الاجتماعي.
تشجع تطبيقات الصور المفبركة المستخدم على مشاركة معلوماته مقابل الحصول على صورة كرتونية إلا ان أبعاد هذا العمل لا تقتصر على الترفيه فقط. بل تنتهي باختراق للبيانات. ويشير خبراء الأمن السيبراني الى انه يمكن للشركات التي تستخدم الصور المفبركة تأليف مقاطع فيديو مزيفة أو انتحال شخصية بواسطة الذكاء الاصطناعي. فرغم الضمانات التي تقدمها هذه التطبيقات إلا أنه لا يمكن الثقة فيها تماماً والسبب بذلك يعود إلى سهولة تسريب البيانات وتنوع طرق الاحتيال وتعدد المشاكل والثغرات التقنية التي تسهل على المقرصن الوصول إلى المعلومات التي يريدها واختراق المستخدم. وقد تُخفي هذه الشركات الشروط المطلوبة للحصول على صورة مفبركة فيتم الموافقة عليها من دون التعمق بها أو قراءتها.
ما لم تتم معالجة الثغرات التي يتسبب بها استديو غيبلي ستزيد المخاطر في هذا المجال مع تحول الصور المفبركة وسيلة للترفيه بغض النظر عن الرواسب منها وسلبيات الموضوع على المستخدم. فنتيجة للتوجه العام خلال الفترة الأخيرة على الصور المعدّلة، أصبح اهتمام خبراء التكنولوجيا بهذا الأمر أكبر. وفي ظلّ كل المخاطر، يشير الباحثون في التكنولوجيا والتقنية إلى أهمية مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي بوعي وتوظيف هذه التقنية للمصلحة العامة لتسهيل العمليات التشغيلية في مختلف القطاعات وليس العكس.
رغم الضمانات... اختراق للبيانات
لن تغيب عمليات اختراق البيانات مع انتشار أوسع للانترنت وتنوع التطبيقات المزيّفة. وفي هذا الاطار يقول أحد الخبراء من مركز أبحاث تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في كاسبرسكي، إنه رغم الضمانات التي تقدمها شركات التكنولوجيا في ما يتعلق بأمن البيانات والمعلومات على الشبكة إلا أن هذا لا يعني ان حماية المعلومات مضمونة.
بينما يرى البعض بتقنية الذكاء الاصطناعي حلاً رقمياً متطوراً لكثير من الأمور إلا أن هذا الأداء الابداعي كان له وقعه الكبير على المجتمعات وثقافة فنون الرسم التي باتت رهينة صور مفبركة معدلة بشكل مبالغ فيه مما يغيّر معايير الجمال والترفيه في عصر التكنولوجيا.
بينما يرى البعض بتقنية الذكاء الاصطناعي حلاً رقمياً متطوراً لكثير من الأمور إلا أن هذا الأداء الابداعي كان له وقعه الكبير على المجتمعات وثقافة فنون الرسم
من وجهة نظر الاختصاصيين النفسيين، فهم يرون بهذه الصور تعرّضاً للأفراد بشكل مستمر إلى مواجهة شخصية مع صورة الذات مما يؤدي إلى مقارنة كبيرة بين الصورة الحقيقية والصورة المفبركة وبناء التوقعات بناءً عليها. وبحسب الدراسات، فإن المراهقين هم الأكثر تأثراً بهذه الترندات ويريدون اكتشاف مزيد من قدرات الذكاء الاصطناعي بتحويل الصور الشخصية. بينما يعتقد جزء آخر من الخبراء بأن هذه الظاهرة موقتة وستنتهي مع الوقت من دون أن تؤثر بشكل كبير على المجتمع.
ما التدابير المطلوبة لحماية البيانات ومحاربة التهديدات المحتملة؟
على مرّ السنوات ومع تطور التكنولوجيا ونموها وتعزيز دور الحلول الذكية في كافة المجالات، ظهرت مشاكل الخصوصية والأمن السيبراني. هذا الأمر دفع بالحكومات والمؤسسات والشركات إلى اتخاذ قرارات حاسمة بهذا الأمر واتباع خطوات لحماية المستخدم وارشاده الى كيفية استخدام الحلول التكنولوجية كما يجب.
على ضوء ذلك، ظهر مفهوم الأخلاقيات التقنية ونشر الوعي حول كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وقدراته بعيداً من السلبيات التي ممكن أن يشكّلها. خصوصاً فئات الشباب والمستخدمين من الصغار الذين لا يعلمون فعلياً سلبيات وايجابيات الانترنت والتكنولوجيا بشكل عام. ومع تعزيز التوعية في المجتمعات حول كيفية استخدام التقنيات المتطورة كما يجب، يصبح التعامل مع الابتكارات الحديثة أسهل.
تعمل المؤسسات والجهات المعنية على تشجيع الناس على تطوير مهاراتهم الرقمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة ايجابية
أما من ناحية الحكومات والجهات المعنية، فهي بدورها تحارب التهديدات السيبرانية من خلال سن القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق المستخدم وتسمح له بمواكبة العصر الرقمي بأمان. كما ان قوانين خاصة لاستخدام الذكاء الاصطناعي هي من الأمور المطلوبة اليوم من قبل الحكومات وخصوصاً في منطقة الشرق الاوسط التي تُعد منطقة جاذبة لعصابات الانترنت والقرصنة الالكترونية.
وبدلاً من استغلال الانترنت لنيات سيئة، تعمل المؤسسات والجهات المعنية على تشجيع الناس على تطوير مهاراتهم الرقمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة ايجابية والاستفادة من كل الخدمات والقدرات التي تقدمها هذه التقنية على مختلف المستويات لخدمة المجتمع.
إن المراحل المتطورة التي وصل إليها الذكاء الاصطناعي تجعل منه تقنية خطرة يجب التحذير منها بشكل دائم. أما استخدام التكنولوجيا وقدرة الحفاظ على أمن البيانات والمعلومات على التطبيقات الذكية، فسيبقى هذا الأمر مرهوناً باشكالية متداولة بين جيل وآخر وبالعودة إلى أهداف اعتماد التكنولوجيا والغاية التي تختلف بين شخص وآخر خلف استخدامه هذه التطبيقات.