Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

تُمارس الشركات حقّها في تبني التقنيات الجديدة والحلول الذكية التي ترتكز على مضاعفة الاستثمارات في القدرات الرقمية، إدارة البيانات، تخزينها وتحليلها واعتماد البرامج المتطوّرة وقد دفعت أزمة كورونا عجلة التقدّم اجتماعياً وعملياً مع تبني التعليم والعمل عن بُعد الذي وصل إلى أعلى مستويات التميّز والابتكار.

 

في وقت يجمع فيه مزودو الخدمات وشركات الاتصالات والتكنولوجيا بيانات العملاء، تزيد المخاوف بشأن الخصوصية الرقمية حيث يمكن الوصول إلى المعلومات الخاصة بالمستخدم بمجرّد الاتصال بالانترنت. تستغل بعض الشركات هذه البيانات لتقييم الأداء والنشاط الالكتروني فتقوم بتخزينها أو تبديلها. ومع انتشار التحول الرقمي، والحديث عن المدن الذكية والشبكات اللاسلكية، تتبنى الحكومات حول العالم سياسة خاصة للحفاظ على أمن المعلومات والبيانات الشخصية احتراماً للخصوصية الرقمية والممارسات القانونية عبر الانترنت. خلال السنوات الأخيرة، خضع عمالقة التكنولوجيا إلى عقوبات صارمة وغرامات مالية إلى جانب الرقابة على الأنشطة الالكترونية للحدّ من متابعة المستخدم على المتصفّح. وتدرس شركات التكنولوجيا حالياً صيغة جديدة للتعامل من خلالها مع بيانات المستخدم الخاصة بشكل تحافظ فيه على المحتوى الرقمي.

على هذا الخط، أفادت شركة غارتنر في تقريرها الأخير أنه بحلول العام 2024، من المرجح أن يتجاوز متوسط ​​الميزانية السنوية لخصوصية المؤسسات الكبيرة 2.5 مليون دولار، مما يعزز المنافسة بينها. فبحسب الدراسات، ارتفعت ميزانيات الخصوصية من 1.7 مليون دولار في العام 2019 إلى 2 مليون دولار في العام 2021. ومن المتوقع أن تستمر هذه الميزانيات في الزيادة بمعدل ثابت بسبب زيادة التهديدات الإلكترونية التي يرافقها ارتفاع النشاط على المواقع الالكترونية.

وأشار التقرير إلى أن"مع توسع جهود تنظيم الخصوصية عبر إقرارعشرات القوانين خلال العامين المقبلين، أصبحت المؤسسات بحاجة إلى تكثيف عملها لتطوير برنامج الخصوصية الخاصة بها".

فبحسب غارتنر ستؤدي الدعاوى المتعلقة بالخصوصية وبمعالجة المعلومات الحيوية والأنظمة الإلكترونية إلى دفع أكثر من 8 مليارات دولار من الغرامات والتسويات بحلول العام 2025.

 

هل تحمي أنظمة الأجهزة الذكية بيانات المستخدم؟

بين السيارات ذاتية القيادة، الطائرات المسيّرة، المدن والمنازل الذكية، تشدد الجهات المعنية الاجراءات تجاه حماية الخصوصية الرقمية. تتيح هذه الحلول الذكية وغيرها من الهواتف المحمولة سرعة التعامل مع بصمات الوجه واليد أو التعرّف على صوت المستخدم لكن المعلومات التي تتم مشاركتها عبر هذه الأخيرة معرّضة للاختراق أكثر من غيرها. وفي الحديث عن الأمن الرقمي وخطر الاختراق، يشير الخبراء الى أن القوانين الجديدة للخصوصية الرقمية تُغطي كل الحلول المذكورة أعلاه وكل ما يتعلّق بتخزين البيانات البيومترية. من جهة أخرى تتجه معظم الشركات العالمية إلى الخدمات الذاتية ليس فقط بهدف دعم الخصوصية الرقمية بل لبناء الثقة بين المستخدم والعلامة التجارية. بهذه الطريقة سيختبر العملاء تجربة فريدة بالحصول على خدماتهم بسرعة والاستفادة من كل البيانات.

إرتفع عدد المستخدمين الذين يدركون كيفية مشاركة بياناتهم على المواقع الالكترونية السليمة في وقت يشعر فيه البعض الآخر بالقلق تجاه مسألة خصوصية معلوماتهم وحمايتها.

وسط انتشار الوباء، اكتشف باحثون أنواع الانتهاكات الرقمية التي ترتكزعلى برامج الفدية أو الثغرات التقنية التي تصيب الأفراد والشركات وتُمكّن المتسلل من الوصول إلى المعلومات الشخصية واختراق الحسابات على الانترنت. ففي وقت سابق، تم تسريب نحو 1.2 تيرابايت من البيانات التي تحتوي على اعتماد تسجيل الدخول وملفات تعريف الارتباط، كما احتوت التسريبات على صور للمستخدمين وأكثر من 650 ألف ملف  Word إلى جانب رسائل البريد الالكتروني والملفات الشخصية المخزّنة على الهاتف.

 

البيانات المسروقة والمعلومات الشخصية لأهداف متنوعّة

تقف وراء عمليات القرصنة وسرقة البيانات جهات متعددة لأهداف متفرعّة منها للتجسس، جمع وبيع البيانات أو الابتزاز. تهدد هذه العمليات الأمن القومي لأغلب الدول، فبحسب الدراسات 86% من عمليات القرصنة هي لأهداف مالية. أما البيانات المسروقة من الشركات فتظهر أغلبها  للبيع على المواقع الالكترونية أو قد يتم تعديلها أو حذفها من قبل المقرصن. تُمكّن عمليات القرصنة من الوصول إلى الأجهزة الخادمة وتعطيلها لا سيّما أجهزة المؤسسات الكبيرة، المصارف، الجهات الحكومية والأفراد والشخصيات المؤثرة في المجتمع. كما يلجأ المقرصن إلى هجمات مماثلة للاستيلاء على المواقع الالكترونية وابتزاز أصحابها بهدف كسب المال. أما أسباب الجريمة الالكترونية فتتراوح بين الأسباب المجتمعية، السياسية أو الفردية.

على هذا الخط، حذّر خبراء التقنية من تأثير الهجمات السيبرانية والقرصنة الالكترونية على الاقتصاد العالمي حيث تشير البيانات إلى أن القراصنة تمكّنوا من إنجاز 1.2 مليون هجمة سيبرانية على الشركات حول العالم بأسبوع واحد مما تسبب بخسائر كبيرة خصوصاً على الشركات التكنولوجية.

من جهتهم يحثّ خبراء مكافحة الجرائم الالكترونية على ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة التهديدات الأمنية الرقمية على صعيد القطاعين العام والخاص والتشديد على التعاون المشترك بين شركات التكنولوجيا والحكومات لتبادل الخبرات والأفكار التي تصب في هذا السياق.

 

رفع مستوى الحماية الرقمية وتشديد العقوبات

تُشدّد الشركات إجراءاتها لتأمين الحماية الرقمية للبيانات والمعلومات الخاصة بالمستخدمين والعملاء حول العالم. أما على صعيد الأفراد فارتفعت نسبة الوعي لديهم بشأن كيفية حماية حساباتهم على الانترنت ومشاركة معلوماتهم الخاصة مع التطبيقات الرسمية الموثوق بها. تحترم تحديثات الأنظمة الجديدة على الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية خصوصية المستخدم وتنقلها إلى مستوى آخر من الأمان.

ففي المملكة العربية السعودية، أقرمجلس الوزراء نظام مكافحة الجرائم الالكترونية للحدّ من عمليات القرصنة على الانترنت. يعرَض هذا النظام المقرصن إلى السجن لمدة سنة وغرامة قدرها 500 ألف ريال سعودي في حال تم الدخول غير المشروع إلى مواقع إلكترونية لتعديل التصميم أو حذف المعلومات الموجودة، التدخّل بحياة المستخدم الخاصة، إلحاق الضرر عبر مختلف تقنيات المعلومات. إلى جامب ذلك، تفرض المملكة العربية السعودية عقوبة لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها 10 ملايين ريال سعودي للانتهاكات الأخطر.

أما قانون العقوبات في لبنان فيجرّم كل أنواع السرقة الالكترونية وغيرها من الهجمات على مستوى التقنيات والتكنولوجيا الحديثة.  

تتخذ الإمارات إجراءاتها في هذا السياق لمكافحة الجرائم الالكترونية تبعاً لخطة الدولة لحماية البيانات والحدّ من نشر المعلومات الخاطئة. بموجب القانون، يُعاقب كل فرد أو صاحب موقع إلكتروني ينشر معلومات أو بيانات لا يتوافق محتواها مع معايير المحتوى الاعلامي الصادر من الجهة الناشرة الرسمية بالسجن وغرامة مالية. ويجرّم القانون المقرصن على إنشاء حسابات إلكترونية مزيّفة، نشر معلومات خاصة أو تزويرها أو في حال أنشأ المقرصن أوعدّل برنامجاً لروبوتات إلكترونية قد يتعرض للسجن لمدة سنتين تقريباً وغرامة لا تقل عن 100 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين.

تهدف قوانين الجرائم الالكترونية إلى حماية البيانات والحفاظ على التطور الالكتروني في آن واحد في ظلّ تسارع الابتكارات في هذا المجال والتوجّه نحو الرقمنة وتحقيق التحول الرقمي الشامل.

تُعدل الحكومات قوانين جرائم المعلوماتية تماشياً مع التطورات الأخيرة في عالم الانترنت والرقمنة خصوصاً مع ظهور الميتافيرس مؤخراً والتداول بالعملات المشفرة الرقمية على المنصات الالكترونية والتطبيقات الذكية.