Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

البيئة الخضراء هي الحياة الصحيّة. علاقة وثيقة لطالما تحدث عنها الجميع تربط بين الاستدامة والتنمية والصحة والبيئة. ومع تفاقم نسبة التلوّث البيئي في العالم، تحاول الشركات مواجهة هذه المشكلة باستخدام الطاقة النظيفة التي تعتبر أحد أهم معايير حماية البيئة على المدى الطويل.

يستهلك العالم الموارد الصناعية الملوّثة والتي تؤثر سلباً على الهواء، إلى حين أتت فكرة الاستفادة من الطاقة الجديدة والمتجددة لزيادة الانتاجية من جهة والحفاظ على البيئة من جهة أخرى. في الآونة الأخيرة، لاحظنا اعتماد الطاقة الشمسية بشكل كبير لتخفيف تلوث الهواء إلا أن هذه الطاقة تتطلب الكثير من التقنيات والمواد لصناعتها منها المعادن والزجاج. انطلاقاً من هنا، قد تكون أنظمة الطاقة الشمسية أكثر ضرراً على البيئة مما يجعلنا نفكّر خصوصاً في مرحلة ما بعد الاستخدام وكيفية التخلّص منها ليست بهذه السهولة.

 

الطاقة الشمسية تَعدُ بمناخٍ أفضل ولكن الواقع يختلف

إرتفعت خلال السنوات الأخيرة أعداد الطاقة الشمسية إلى أن توقع البعض أن تحل مكان الطاقة الكهربائية كلياً في حال استمر الوضع على ما هو عليه. وعلى الرغم من الوعود التي تحملها الطاقة الشمسية بحفاظها على البيئة ودعمها مستقبلاً أكثر اخضراراً تترك بعض الشكوك فرصة لطرح الأسئلة حول ما إذا كانت هذه الطاقة مفيدة فعلياً أم أن لها تداعياتها على البيئة مع مشكلة نفايات الألواح الشمسية وما تتركه من أثر سلبي؟

قد تكون الألواح الشمسية أبعد مما نعتقد عن الألواح الصديقة للبيئة فهي تتكوّن من طبقات من السيليكون محاطة بطبقة أخرى من الألمنيوم والزجاج اللذين يشكلان 80% من وزن اللوح.

غالباً ما يتطلّب انشاء الألواح اللوحية الاستعانة بمواد كيميائية ضارة تهدف إلى تعزيز جذب الحرارة الكهرومغناطيسية من الشمس. وبحسب التقارير، قد يكون من الصعب إعادة تدوير هذه الألواح كونها تتطلّب طاقة كبيرة لاستخراج المعادن منها فضلاً عن عدم وجود المصانع المطلوبة لاجراء هذه العملية بالاضافة إلى الكلفة المادية العالية التي تتكبّدها.

يتراوح العمر التقديري للألواح الشمسية بين 20 إلى 30 عاماً إلا أن بعد البحث والتدقيق قد يصل بعضها إلى نهاية عمره الافتراضي بوقت مبكر. تتسرّب المواد السامة من الألواح الشمسية مما يسبب خطراً كبيراً على البيئة والصحة العامة مع احتمال تسرّب هذه المواد إلى المياه الجوفية. وكشفت الدراسات تأثير هذه المواد على النباتات وتسببها بتكوين المواد المسرطنة.

ومع تراجع عدد المصانع المؤهلة لاعادة تدوير هذه الألواح، ترتفع أزمة النفايات الصلبة لتتفاقم سنة بعد أخرى مع حاجة الانسان إلى استخدام الطاقة البديلة دون ادراك الجانب المظلم منها. ومن المتوقع أن يتراكم نحو 80 مليون طن من نفايات الطاقة الشمسية بحلول عام 2050.

قد تبلغ القيمة السوقية لصناعة الطاقة النظيفة نحو 650 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 وذلك على ضوء التعهدات والتعاونات التي تقوم بها الدول دعماً للمبادرات الخضراء والحفاظ على البيئة. مقابل ذلك، سيرتفع عدد الألواح الشمسية منتهية الصلاحية  حيث من المتوقع أن تمتلك الولايات المتحدة ثاني أكبر عدد من هذه الألواح في العالم أي ما يقدر بنحو 10 ملايين طن من الألواح. كما ستتضاعف وظائف تصنيع الطاقة النظيفة من 6 ملايين حالياً إلى 14 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030 أيضاً – على الرغم من كل المخاطر المتمثلة بهذه الطاقة.

في ظلّ الأزمات العالمية، ارتفعت أسعار البطاريات الكهربائية والألواح الشمسية 10% عام 2022 مع تضخم أسعار المواد الأساسية في صناعتها أيضاً. بدورها تتنافس الدول على خطط ومشاريع الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة إلا أن بعضها سيكون مكلفاً كثيراً لخزينة الدولة، كما تعمل معظم الحكومات على دمج سياسات المناخ والصناعة معاً.

تتوسع مشاريع الطاقة المتجددة، ولهذه الغاية وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية تهدف إلى توليد نحو 50% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2030 وانشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط وأفريقيا. من المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع بحلول عام 2025.

 

بطاريات الليثيوم: مادة مدمرة للبيئة على المدى البعيد

تختلف استخدامات بطاريات الليثيوم وتتنوع المواد الكيمائية المكونة منها إلا أنه سينتهي بها المطاف برميها في النفايات. تنقسم البطاريات إلى قسمين: البطاريات التي تُستخدم لمرّة واحدة وهي آمنة مقارنةً بالبطاريات التي تُستخدم عدّة مرات ويمكن أن تستمر في العمل لمئات دورات من الشحن إلا أنه قد يكون من الصعب إعادة تدويرها. أما البطاريات القابلة لاعادة الشحن فهي تحتوي على معادن خطرة مما يحتم عملية إعادة تدويرها. تُستخدم هذه البطاريات في السيارات، الأجهزة الالكترونية، الكمبيوتر، والطائرات.

يُصنّف الخبراء جميع أنواع البطاريات على انها مواد خطرة تؤثر على البيئة بشكل أو بآخر وإعادة تدويرها هو الخيار الأمثل لحماية البيئة.

وبينما تسعى شركات الصناعة والتكنولوجيا إلى تطوير منتجاتها لتتوافق مع شروط البيئة الخضراء وخفض انبعاثات الكربون، قد يغيب عن البعض أن القطاع الأكثر مسبباً للتلوّث هو النقل – البري والبحري والطيران. بحسب التوقعات، قد يصل نحو 50% من إجمالي انبعاثات الكربون من قطاع النقل بحلول عام 2050 مقارنةً بـ30% تقريباً في الوقت الحالي.

الحل يكمن باعتماد الكهرباء في وسائل النقل البري لخفض نسبة كبيرة من الانبعاثات الكربونية إلى ما يصل لنحو 72% بحلول عام 2050. ينظر العالم إلى مسألة البيئة على انها من أهم المسائل التي يجب معالجتها حالياً والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والاستدامة والتنمية لحماية الانسان وضمان مستقبل أكثر خضاراً للأجيال القادمة.

تنسجم مشاريع الطاقة المتجددة مع رؤية الحكومات المستقبلية بحماية البيئة، أما الأهم فيبقى معرفة الجانب الأسود من هذه الموارد والطاقات الجديدة والمتجددة وما تحمله من "خدع" للمستخدم. تبقى الركائز الأساسية لازدهار الاقتصاد والبيئة والمجتمع مرتبطة بخلق التوازن بين الانتاجية والانبعاثات والتنمية على حد سواء. فكما يجب الاستفادة من الطاقة المتجددة على أنواعها، يجب أيضاً العمل على تنمية المهارات القادرة على التحكم بهذه الأخيرة لمعرفة كيفية التعامل مع الموارد منتهية الصلاحية وعدم هدرها.

إن الأنظمة البيئية والايكولوجية الكبيرة منها والصغيرة قابلة للاصلاح مع تعزيز مبادرات الحكومات مع وكالات التنمية والشركات المحلية. 

فهل ستتمكّن شركات النقل البري والبحري والجوي توفير البطاريات المناسبة التي تضمن تشغيلها وتحدّ من الانبعاثات الكربونية في آن واحد؟ أم أن الحفاظ على المناخ والحدّ من التلوّث سيبقى مسألة من الصعب تحقيقها بشكل كامل على المدى القريب؟