Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

في ظل الحديث المطوّل عن الذكاء الاصطناعي ومسيرة التحول الرقمي وتأثيرها على مستويات حياتنا كافة، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، سوندار بيتشاي أن التوجّه لاعتماد الذكاء الاصطناعي يجب أن يخضع للتنظيم والرقابة لتفادي وقوع الآثار الضارة المحتملة.

نذكر أزمة التسريحات التي تزال تعانيها الشركات في مختلف القطاعات والوظائف التي بات بإمكان الذكاء الاصطناعي توليها مكان الانسان مما يُنذر بارتفاع عدّاد البطالة على مستوى العالم. في هذا السياق، يُعبّر خبراء التكنولوجيا عن قلقهم المستمر تجاه التسرّع الكبير الذي تشهده البشرية في قطاعات التكنولوجيا والتقنية والرقمنة مع الدعوة إلى العمل على تطبيق الحلول الذكية بشكل منتظّم والانتباه من استخدام هذه الخدمات بشكل مضرّ.

 

الحلول الذكية والذكاء الاصطناعي: سيطرة كاملة

مع ظهور روبوت الدردشة "شات جي تي" بات المضي نحو تطبيق التكنولوجيا بشكل أسرع واعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي بانتشار أكبر. يقول خبراء التكنولوجيا إن الحلول الذكية تتقدّم بسرعة كبيرة مما يحتّم على الانسان التركيز أكثر وأخذ الحذر من سيطرة العقل الاصطناعي على العقل البشري.

على ضوء ذلك، رفع عمالقة التكنولوجيا الصوت لانشاء قوانين حماية مناسبة لعمل الانسان وتحدّ من التهديدات الالكترونية أيضاً. ومن بين المخاطر التي يتم التحذير منها بشكل كبير هو خطر الذكاء الاصطناعي التوليدي أو شات جي تي وقدرته على فبركة الصور والصوت ومقاطع الفيديو المزيّفة دون أن تمتّ الى الحقيقة بصلة.عن هذه المشكلة وغيرها من الثغرات التي تتوالى مع الوقت، يقول الخبراء إنه من الضروري احتواء الضرر المجتمعي الذي قد تسببه هذه التقنية وغيرها والعمل مع الذكاء الاصطناعي بدقة أكبر والتكيّف مع عالم التكنولوجيا والاستعداد للمرحلة المقبلة وكل ما تحويه من مفاجآت على هذا المستوى إن كان في مجال الطب أو الزراعة أو التكنولوجيا أو التعليم واللائحة تطول.

أكثر من 60% من المشاركين في أحد استطلاعات الرأي، يُعربون عن عدم ثقتهم بالذكاء الاصطناعي وقد شمل الاستطلاع مواطنين من الولايات المتحدة والصين وبريطانيا والهند وجنوب أفريقيا. على عكس ذلك، أظهر سكان الدول النامية (كندا، فرنسا، أستراليا) ثقتهم بالذكاء الاصطناعي وذلك يعود إلى قوانين الحماية المتبعة.

بعد تجارب ايجابية عدّة تؤكّد قدرة شات جي تي والذكاء الاصطناعي على السيطرة في الأعمال ومختلف المجالات إلا أن ذلك لم يعكس التفاؤل الكامل تجاه هذه التقنية نظراً لخطورتها على المدى البعيد – على الرغم من كل الخدمات التي توفّرها من ناحية أخرى. مقارنةً ببعض الحكومات التي تحظر استخدام الذكاء الاصطناعي إلا بشروط معيّنة، ينعكس وجود هذه التقنية ايجاباً على ممارسة الأعمال في الدول التي اعتمدت الذكاء الاصطناعي بثقة كبيرة حيث سرّعت الابتكار فيها، وكان ذلك فرصة لجذب الشركات الأجنبية والمحلية وتقديم مزيد من الدعم إلى كافة القطاعات لزياة أرباحها والاستجابة إلى العملاء والمستخدمين ورفع مستوى التنافس.

بعد احتدام السباق على التسلّح بالذكاء الاصطناعي، تعتبر اليوم الولايات المتحدة في صدارة الدول الأكثر استخداماً لهذه التقنية وفي تطويرها. تتمتع الشركات التي تأخذ الولايات المتحدة مقراً لها مثل مايكروسوفت وغوغل وفيسبوك بفرصة أكبر لاختبار الذكاء الاصطناعي ضمن كافة عملياتها التشغيلية؛ وتهدف مع السنوات المقبلة الى أن تصبح من اللاعبين الأساسيين في هذا المجال مع وصول قيمة صفقاتها إلى 118 مليار دولار بحلول عام 2025.

تأتي الصين في المرتبة الثانية لتكون من المنافسين الشرسين أيضاً في سيطرتها على حلول الذكاء الاصطناعي واعتمادها ضمن مبادراتها الحالية والمقبلة. تستثمر الحكومة الصينية في البحث والتطوير مع مشاركة شركات عدّة في سباق الذكاء الاصطناعي على أمل التقدّم أكثر في مجال التقنية والتكنولوجيا وسدّ الفجوة الرقمية في البلاد مقارنةً بسائر الدول حول العالم. هذا وتعد الصين من الدول الرائدة في اعتماد الذكاء الاصطناعي مع تطويرها للمركبات ذاتية القيادة والأنظمة الذكية.

بدورها تتقدّم كل من كندا واليابان وكوريا الجنوبية بمجال الذكاء الاصطناعي مع تقديم استراتيجياتها الخاصة والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات. تدعم هذه المبادرات بشكل أساس المهارات وتعزز الابتكار وتوفر التعاون الذكي بين القطاعين العام والخاص. من جهتها تعمل اليابان على دمج عناصر الذكاء الاصطناعي برؤية البلاد للتنمية الوطنية. وعلى الخط نفسه، تكشف كوريا الجنوبية عن تعاوناتها وتخصيص نحو 14 تريليون دولار لتعزيز قدراتها التنافسية في هذا المجال.

 

أوروبا تكسر موجة الذكاء الاصطناعي الاحتكاري

على عكس المتداول، تتميّز أوروبا بتبنيها لحلول الذكاء الاصطناعي فهي تتراجع في السباق مقارنةّ بالولايات المتحدة والصين وسائر الدور المذكورة سابقاً. على الرغم من ذلك، أعلنت كل من فرنسا وألمانيا عن خططهما لاستثمار مليارات الدولارات في عملية تنمية الذكاء الاصطناعي لبناء تجارب أفضل للعملاء وتطوير الخدمات والقطاعات والمساعدة على دفع الاستثمارات في أوروبا على أن تكونا من اللاعبين الأساسيين في العالم الرقمي المستقبلي.

وفي الحديث عن الجهود لهذه الغاية، أطلق الاتحاد الاوروبي مبادرة "الذكاء الاصطناعي من أجل أوروبا" عام 2019 من أجل تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في أوروبا وفي جميع أنحاء القارة وخلق التعاون المستمر بين الدول الأعضاء لدمج الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.

هذا ويتم السعي إلى كسر الاحتكار في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي حيث من المهم جداً أن تستفيد كل الدول من هذه التكنولوجيا وسواها بالتوازي لضمان التقدّم والتطوّر للجميع دون استثناء.

يتسابق عالم اليوم على الذكاء الاصطناعي، روبوت الدردشة شات جي بي تي، وكل ما له صلة بالتكنولوجيا وعلى الرغم من التفاوت بين الدول إلا أن جميعها تعمل بكثافة للدخول إلى السباق العالمي والالتحاق بخطط التنمية والتطوير لضمان الاستفادة من كل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء. إنما لا بدّ من تحمّل مسؤولية هذا التقدّم والتنبّه من المخاطر المحدقة من ناحية أخرى، فالاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي لن يدمّر إلا البشرية، وليس بالذكاء الاصطناعي وحده ينجح الانسان!