Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

على الرغم من أن بلوك تشين لا يزال من التقنيات الناشئة، إلا أن هذا الوقت كان كفيلاً ليُعرض هذه التقنية إلى الكثير من الانتقادات والتساؤلات. وعلى الرغم من كل التحديات تجتمع الآراء حول دور البلوك تشين في ادارة الأعمال المالية وأهميته في تحسين الواقع الاقتصادي.

هل ستستمر تقنية البلوك تشين خلال العام 2023؟ الجواب طبعاً نعم ومن المتوقع أن تكون هذه السنة سنة انتقالية مع ظهور المزيد من الابتكارات والحلول الذكية المتتالية. فتحت تقنية البلوك تشين فرصاً اقتصادية جديدة على مستوى الشركات التي استفادة من القدرات الأمنية وتعزيز الخصوصية. فقد زاد نمو سوق خدمات البلوك تشين العالمي من 3.28 مليارات دولار في عام 2022 إلى 4.7 مليارات دولار في عام 2023 إلى 19.76 مليار دولار بحلول عام 2027. فما هي إذن أهم اتجاهات الاقتصاد الرقمي وما الخدمات  التي تم إعدادها لتشكيل مستقبل التكنولوجيا المالية؟

إتجاهات البلوك تشين الناشئة وتأثيره على القطاعات

بينما استغرق ظهور العملات المشفرة وقتاً للاعتراف بها عالمياً، أدرك العالم أهمية تقنية البلوك تشين ودورها في الواقع الافتراضي وفي تحويل قاعدة الأعمال على مستوى العالم. تعتبر تقنية البلوك تشين العمود الفقري للعملات المشفرة، فإن القيمة المضافة للأعمال لأدارة قاعدة البيانات المتطورة هذه كبيرة جداً لدرجة أنه من المتوقع أن يرفع الاقتصاد العالمي بمقدار 1.76 تريليون دولار بحلول عام 2030.أصبحت معظم القطاعات والأعمال تعتمد على البلوك تشين مما ساهم في ازدهار هذه التقنية في المقام الأول وبسّط المعاملات مع احترام التدابير السريّة والحفاظ على خصوصية البيانات وحماية المعلومات في المقام الثاني.

خلال الفترة المنصرمة، استفاد القطاع المالي والمصرفي خصوصاً من خدمات البلوك تشين لما تتمتع به من مميزات. تستعين الشركات الناشئة والعاملون في القطاع المالي بتقنية البلوك تشين لتحسين جودة الأعمال والخدمات المتوفّرة للعملاء إن كان عبر التحاويل المالية محلياً وعالمياً بطريقة أسرع وبمرونة أكبر. كما تستفيد المصارف من البلوك تشين لاتمام المعاملات بدون الحاجة إلى وسطاء. ذلك إلى جانب تسجيل البيانات المالية وتوثيقها بعيداً عن الطرق التقليدية، كما تتيح التقنية الناشئة للمصارف والشركات المالية التعرّف على مستندات العميل بأمان ودقة وسرعة أكبر. تشمل مزايا البلوك تشين قطاع التمويل التجاري وكل ما يرتبط بالأعمال الدولية لتفادي الأخطاء البشرية والتحقق من البيانات باستمرار والاحتفاظ بالمعلومات بنسخ رقمية وتحديثها بالوقت الآني كما يمكن الوصول إليها بسهولة.

تزيد تقنية البلوك تشين معدلات الأمان عند التحاويل المالية العالمية حيث تتم صيانة شبكات السلاسل بمساعد الكمبيوتر مما يعزز اللامركزية في التعاملات. وهنا تلعب اللامركزية دورها لتمنع القراصنة من استهداف شبكة الانترنت مما يرفع مستوى الأمان والخصوصية عند اتمام جميع المعاملات إن كان عبر المؤسسات أو الشركات المالية أو المصارف أيضاً. وبفضل النظام اللامركزي المعتمد، تخفّض سلاسل البلوك تشين التكاليف المالية والرسوم على البنوك والعملاء. هذا وتحدّ اللامركزية في التعاملات من الوسطاء الخارجيين مما يوفّر الجهد والوقت.

بفضل المزايا التي تحملها، تعتبر تقنية البلوك تشين من العناصر الأساسية في الثورة الرقمية والتكنولوجيا المستقبلية... فالبلوك تشين وجد ليبقى وسط توسّع عالم الميتافيرس والعملات المشفرة والمبادرات التي تدفع نحو الحدّ من الاختراقات الالكترونية. وبحسب الدراسات، نحو 66% من الشركات العالمية تتجه نحو اعتماد البلوك تشين بما يتماشى مع التطورات.

نقلة نوعية في الدول العربية والأفريقية

مسار طويل أمام الحكومات لتطبيق سياسة البلوك تشين بشكل متكامل في وقت لا تزال فيه التقنية في طور التنفيذ. لهذه الغاية، تنصّ الشركات المختصة والجهات المعنية قوانين بصياغة جديدة تعزز اعتماد البلوك تشين وتسلّط الضوء على فوائد هذه التقنية التي تفرض أهميتها ليس فقط في القطاعات المصرفية بل في كل القطاعات على أنواعها.

وضمن قائمة الدول التي تهتم في تعزيز استثماراتها في المجال التقني وفي البلوك تشين بصورة خاصة نذكر المملكة العربية السعودية التي أعلنت فيها الأكاديمية السعودية الرقمية في بداية 2022 عن توقيع اتفاقية مع الهيئة السويسرية لتقنية البلوك تشين لاطلاق أول معهد تدريبي في الشرق الأوسط ومتخصص بتقنية سلسلة الكتل. هذا وتتيح وزارة الداخلية السعودية استخدام العملات المشفرة وبالتالي التوسع في البلوك تشين داخل المملكة. وعلى الخط نفسه، تعمل هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية على الحدّ من عمليات الاحتيال الرقمية وذلك عبر اطلاق نظام جديد لتوثيق الرسائل النصية من خلال البلوك تشين. تعتبر المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أعلنت اهتمامها بالتقنية الناشئة في اطار رؤية المملكة 2030. وفقاً لتقرير لهيئة الحكومة الرقمية السعودية، قد تساهم تقنيات البلوك تشين بنحو 6.75 تريليون دولار في الاقتصاد السعودي على أن بنمو القطاع في المملكة بنسبة 41% بين عامي 2021 و2025. وتطمح المملكة العربية السعودية إلى جذب الاستثمارات لديها ورفع مستوى قطاع التكنولوجيا لتحقيق التنمية وتحفيز الابتكار محلياً.

من جانبها أظهرت الامارات العربية المتحدة اهتمامها بالبلوك تشين لتكون بين الدول الرائدة في هذا المجال. ولهذه الغاية، أطلقت الدولة استراتيجية الامارات للتعاملات الرقمية 2021 لتحويل التعاملات المالية إلى سلاسل البلوك تشين وذلك لرفع مستوى الأمن الرقمي وخصوصية البيانات. كان عام 2022 محطة فارقة للامارات المتحدة حين عُقد الاجتماع الأول للجنة أبوظبي للبلوك تشين والأصول المشفرة لتعزيز استخدام سلسلة الكتل ووضع الاطر التنظيمية لهذه التقنية. وخلال الاجتماع أُطلقت استراتيجية خاصة لاعتماد تقنية البلوك تشين بما يتوافق مع استراتيجية الامارات الاقتصادية. نتيجة لهذه الأعمال وسواها من المبادرات، تم تصنيف الامارات في نوفمبر 2022 ضمن أول خمس دول على مستوى العالم تعتمد تقنية البلوك تشين.

كذلك المنطقة الأفريقية، كان لها حصتها من نمو البلوك تشين وخصوصاً مصر التي تسعى إلى رقمنة خدماتها وتحقيق التحول الرقمي الشامل والسريع لتعزيز تجربة العملاء. في إطار خطة الحكومة الرقمية، تعاون البنك المركزي المصري مع شركات عالمية لتطوير تقنية البلوك تشين وتحسين المجالات المالية في البلاد.

البلوك تشين ينشط مع عالم ميتافيرس

تأخذ حياتنا مسارات جديدة مع الثورة الرقمية حيث زاد تفاعلنا مع العالم الافتراضي مع الاتجاه نحو البيئة التكنولوجية أكثر فأكثر. انتقلت الشركات إلى العصر الرقمي بسرعة لتأمين استمراريتها وتعزيز بصمتها في السوق ومع الأفراد أيضاً.

في وقت يزيد فيه الحديث عن عالم ميتافيرس وزيادة الاستثمارات فيه، تنشط حركة الشركات في تقنية البلوك تشين لاعتمادها الأنظمة الرقمية الالكترونية وتداول العملات المالية المشفرة والتكيّف مع الواقع الجديد. تُعد عملة البتكوين من أكثر العملات تداولاً على سلاسل البلوك تشين حالياً. ومع توسّع النظام الرقمي، يشكّل البلوك تشين مع عالم ميتافيرس مزيجاً ناجحاً يتيح المزيد من الايرادات والأرباح للشركات.

تحديات لا بدّ منها

بين التوسّع والانتشار، تحديات عدّة قد تقف أمام  تطبيق الخطة الاستراتيجية للنهوض بالقطاع المالي والمصرفي والتجارة والأعمال. أبرز هذه التحديات يتمثّل بصعوبة تعديل البيانات بسبب عدم ادراك كيفية الاستفادة من هذه التقنية واعتبار البعض أن البلوك تشين لا آفاق لها أبعد من العملات المشفرة. أما غياب البنية التحتية الرقمية وكلفة التطبيق الباهظة قد لا تحملها كل المؤسسات أو الشركات الناشئة مع غياب الأنظمة المطلوبة والقوانين التطبيقية لدمج المعاملات الرقمية بالأعمال.

يستقبل الوطن العربي والمنطقة ابتكارات جديدة وحلول التكنولوجيا مع الأخذ بالاعتبار أهمية هذه الحلول في دفع القطاعات إلى الأمام. وبعد الطفرة الرقمية، بات الاعتماد على البلوك تشين أكبر لتسهيل المعاملات والابتعاد عن المعاملات الورقية بناءً على رؤية مستقبلية أكثر كفاءة وأماناً وشفافية.