Advertisement

تقارير وتغطيات
Typography

بقلم محمد دياب، مدير البرامج في Sofrecom

يواجه قطاع الاتصالات تحديات جمة. وقد أدى النظام الايكولوجي المتجانس حيث تندمج المكونات الرئيسية عمودياً وتأتي من مزود واحد إلى خلق بيئة مغلقة، حيث كانت شركات الاتصالات مقيّدة بالمزودين، ومحصورة بخدمات معينة، في ظل غياب رؤية واضحة لعمليات شبكاتها. في ظل هذا الواقع، بات من المستحيل أن تستفيد من ثورة البيانات/ الذكاء الاصطناعي وبالتالي اطلاق خدمات مبتكرة وخلق مصادر عائدات جديدة.

بالفعل، فقد انخفضت حصة شركات الاتصالات والقيمة السوقية لتكنولوجيا المعلومات على المستوى العالمي بشكل كبير خلال السنوات العشرين الماضية، مما يعكس إعادة هيكلة تنافسية كبيرة وضعت نماذج الأعمال التقليدية تحت الضغط. ومن العوامل المساهمة أيضًا كان  ظهور كبار مزودي السحابة الذين تمكنوا من الوصول إلى القمة مع نجاحهم في بناء البنية التحتية (الافتراضية) التي تسمح لهم اليوم بتقديم خدماتهم المتنوعة.

في ظلّ العصر الرقمي، لم يعد هذا النموذج التقليدي قابلاً للتطبيق، حيث لم يعد التحول الرقمي والانفتاح مجرد خيارين بل بات من أولويات المشغلين في وقت يتسارع فيه ظهور الابتكارات الجديدة مما يتطلب قدراً أكبر من المرونة والديناميكية التي  تسمح بها الأجهزة القائمة.

نتيجة لذلك، شهدت البنى التحتية لمشغلي الاتصالات تحولاً ملحوظاً في ظل التطور التكنولوجي، فبعد أن كانت افتراضية، أصبحت اليوم سحابية مع ظهور أدوات مثل نقل البيانات والبرمجة، وستستمر في التطور مع انتشار واعتماد الأدوات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. سيؤدي ذلك أيضاً إلى تحويل نماذج إيرادات المشغلين، مما يمكّنهم من نشر خدمات مخصصة جديدة بشكل أسرع وأكثر كفاءة وأماناً.

وبالطريقة نفسها التي يتم بها دعم التطبيقات من خلال بيئات سحابية مؤتمتة بالكامل وقابلة للتكوين ديناميكياً، تتيح وظائف الشبكة الافتراضية للشبكات أن تكون مرنة وقادرة على الاستجابة تلقائياً لاحتياجات حركة مرور البيانات والخدمات التي تعمل عليها.

سيسلط هذا التقرير الضوء على التحديات الممكنة وتأثيرها ومتطلبات هذه الرحلة الطويلة للتحول نحو مشغل قائم على البرمجيات.

وقبل الخوض في التفاصيل، لا بد من العودة إلى بعض المفاهيم التي تؤثر على هذا التحول، وتوضيح الترابط القائم بينها.

المحاكاة الافتراضية لوظيفة الشبكة (NFV):

تم تطوير هذا المفهوم لبنية الشبكة عام 2010 حيث يتم استبدال أجهزة الشبكة بأجهزة افتراضية (VMs). وفي هذه البنية،  تُجمع خدمات الشبكة التي كانت تعمل على أجهزة خاصة في السابق، على أجهزة ذات معيار موحد.

من المتوقع أن يساعد نظام  المحاكاة الافتراضية لوظيفة الشبكة المشغلين على تخفيض الوقت اللازم لنشر وظائف وخدمات الشبكة (VNFs) وخفض التكلفة الإجمالية للملكية، وذلك بفضل الأتمتة واقتصاد النطاقات التي توفرها تقنيات الحوسبة السحابية. يتجه القطاع حالياً نحو هذه التكنولوجيا، تبعاً لنهج يتألف من مراحل عدّة.

الشبكة المعرّفة بالبرمجيات (SDN):

هو نموذج شبكي حيث يمكن تشغيل الشبكات ديناميكياً بواسطة التطبيقات، وينطبق على جميع طبقات الشبكة (من الطبقة 0 إلى الطبقة 3) باستخدام واجهات قياسية (للاستجابة إلى الطلبات، ثم برمجة الشبكة ديناميكياً) عن طريق إضفاء الطابع الخارجي على مستوى التحكم.

وفي حين أن المحاكاة الافتراضية للشبكة تسمح للمشغلين بتقسيم مختلف الشبكات الافتراضية داخل شبكة فعلية واحدة، فإن الشبكات المعرفة بالبرمجيات توفر طريقة جديدة للتحكم/برمجة الشبكات من خلال خادم مركزي. وتتمحور الفكرة حول إدارة جميع الموارد من خلال واجهة مركزية وبالتالي الحد من التأثير الناتج عن عدم تجانس الشبكة. تلبي هذه التقنيات كلاً من الحاجة إلى الأتمتة والسرعة في عمليات إدارة الشبكة، وتزيد الحاجة إلى فتح معدات الشبكة لتطبيقات الطرف الثالث لتسريع الابتكار.

الشبكة المعرفة بالبرمجيات والمحاكاة الافتراضية لوظيفة الشبكة معاً:

تُعد المحاكاة الافتراضية لوظيفة الشبكة (NFV) والشبكة المعرفة بالبرمجيات (SDN) ركيزتين أساسيتين لسحابة الاتصالات، وهما مرتبطتان ارتباطًا وثيقاً بتقنيات مستقلة ولكنها متكاملة ومفيدة للطرفين. يمكن جعل وظائف الشبكة افتراضية ونشرها بشكل مستقل دون تقنيات (SDN)، ويمكن التحكم في الوظائف غير الافتراضية بواسطة الشبكة المعرفة بالبرمجيات (SDN).

التجزئة:

تعد التجزئة الانتقال من الحل الخاص والمغلق إلى المكونات المنفصلة تماماً والمفتوحة والتي يتم إعادة دمجها لتشكل حلاً كاملاً مع المنسقين. يتم استخدام مكونات البرامج (بعضها مفتوح المصدر) مع واجهات برمجة التطبيقات. ويُعد تصنيف وظائف الشبكة بمثابة تحول مستمر طويل الأمد للنظام الايكولوجي الخاص بشركة الاتصالات. على مدى أكثر من 10 سنوات، يتم تقسيم وظائف الشبكة إلى أجزاء أصغر، والانتقال من التطبيقات المتجانسة والمغلقة والمملوكة إلى المكونات المفتوحة المنفصلة تماماً والتي تتم إعادة دمجها لتكوين شبكة أخرى ببنية جديدة. يتيح هذا التغيير الجذري في النظام الايكولوجي الصناعي للمشغلين المزيد من المرونة لبناء خدمات الاتصالات، ويسمح بظهور فرص جديدة لتحسين الاستثمارات، وخفض الأسعار بفضل زيادة المنافسة بالنسبة لكل مكوّن، وتجديد الاستراتيجية الصناعية (المزيد من الابتكار، والجهات الفاعلة الجديدة، وتطور السلسلة القيّمة).

السحابة الأصلية:

تشير التكنولوجيا والهندسة السحابية الأصلية إلى نهج يتيح تطوير التطبيقات ونشرها في السحابة والبيئة المفتوحة باستخدام البيانات المحتفظ بها وهندسة الخدمات الصغيرة وأدوات التنسيق مثل Kubernetes.

تؤدي كل خدمة وظيفة محددة ويمكن تطويرها ونشرها وتوسيع نطاقها بشكل مستقل وكذلك على متن أي بنية تحتية (شركة اتصالات، خاصة أو عامة) ومنصة بيانات. يعزز هذا الأسلوب السياسة النمطية ويسهل عملية صيانة المكونات الفردية وتحديثها من دون التأثير على النظام بأكمله.

اطلع على أحدث تقاريرنا حول "ابتكار الشبكات المدفوعة بالحوسبة السحابية" وتأثيرات رحلة المحاكاة الافتراضية والحوسبة السحابية على مختلف المجالات: الوصول إلى النماذج الأساسية والتشغيلية وتقييم النضج الحقيقي عبر الرابط التالي:  

https://www.sofrecom.com/en/news-insights/shaping-tomorrows-digital-infrastructures-network-innovation-driven-by-cloudification.html